للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمِسْكِينٌ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) فَهُوَ أَحْوَجُ مِنْ الْفَقِيرِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

تَبَايُنٌ حَيْثُ ذُكِرَا مَعَ بَعْضِهِمَا. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَإِذَا افْتَرَقَا اجْتَمَعَا تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: [فَهُوَ أَحْوَجُ] إلَخْ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ صِنْفَانِ مُتَغَايِرَانِ كَمَا عَلِمْت، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ. وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْعَكْسِ: فَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. وَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ الْفَقْرَ أَوْ الْمَسْكَنَةَ لِيَأْخُذَ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا لِرِيبَةٍ بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا يَدَّعِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهَلْ يَكْفِي الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ؟ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي دَعْوَى الْمَدِينِ الْعَدَمَ وَدَعْوَى الْوَلَدِ الْعَدَمَ، لِأَجْلِ نَفَقَةِ وَالِدَيْهِ. وَعَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهُمَا؟ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَوْ لَا يَحْلِفُ؟ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْوَالِدِ الْعَدَمَ لِأَجْلِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ. كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ. تَنْبِيهٌ:

مَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيًّا أَوْ كَانَ لَهُ مُرَتَّبٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَكْفِيهِ، لَا يُعْطِي مِنْهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَلِيءُ لَمْ يَجُرَّ النَّفَقَةَ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ. وَأَمَّا مَنْ لَهُ مُنْفِقٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا فَلَهُ أَخْذُهَا كَمَا ذَكَرَهُ (ح) ، لِأَنَّ لِلْمُنْفِقِ الْمَذْكُورِ قَطْعُ النَّفَقَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُنْفِقِ الْمُتَطَوِّعِ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ لَازِمَةٌ لِمَلِيءٍ لَا يُعْطَى اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهَا مَلِيءٌ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَتُجْزِئُ رَبَّهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ الَّذِي فِي (ح) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ مُطْلَقًا وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَقِيلَ: لَا تُجْزِئُ إنْ كَانَ الْمُنْفِقُ قَرِيبًا وَتُجْزِئُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ، وَقِيلَ: إنَّهَا تُجْزِئُ مُطْلَقًا لَكِنْ مَعَ الْحُرْمَةِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ. فَائِدَةٌ:

نَقَلَ (ح) عَنْ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمَةٌ، يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشُورَهَا مِنْ الزَّكَاةِ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>