(كُذِّبَا) فِي شَهَادَتِهِمَا بِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ، فَيَجِبُ تَبْيِيتُ الصَّوْمِ. وَقَوْلُنَا: " لِغَيْرِهِمَا ": احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا شَهِدَا بِرُؤْيَةِ شَوَّالٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمَا الْأُولَى.
(أَوْ) بِرُؤْيَةِ (جَمَاعَةٍ مُسْتَفِيضَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا وَهِيَ الَّتِي يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ؛ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِيهَا، لَا أَنَّهُ يَدَّعِي السَّمَاعَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْعَدَالَةُ وَلَا الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ.
(أَوْ) بِرُؤْيَةِ (عَدْلٍ) بِالنِّسْبَةِ (لِمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِهِ) : أَيْ بِالْهِلَالِ كَانُوا أَهْلَهُ أَمْ لَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ أَوْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَكَانَتْ السَّمَاءُ غَيْمًا لَمْ يُكَذَّبَا. وَمِثْلُ الْعَدْلَيْنِ فِي كَوْنِهِمَا يُكَذَّبَانِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، مَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَبْلُغْ الْمُسْتَفِيضَةَ. وَأَمَّا الْمُسْتَفِيضَةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِمْ ذَلِكَ لِإِفَادَةِ خَبَرِهِمْ الْقَطْعَ، قَالَ أَشْيَاخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ مِنْ إخْبَارِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ لَمْ تَتَحَقَّقْ فِيهِمْ، وَحِينَئِذٍ فَيُكَذَّبُونَ، وَحَيْثُ كُذِّبَ الْعَدْلَانِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمَا فَالنِّيَّةُ الْحَاصِلَةُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ صَحِيحَةٌ لِلْعُذْرِ وَلِخِلَافِ الْأَئِمَّةِ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِتَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ وَيَعْتَمِدُ فِي الْفِطْرِ عَلَى رُؤْيَتِهِمَا أَوَّلًا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُمَا يُكَذَّبَانِ وَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا حَاكِمٌ حَيْثُ كَانَ مَالِكِيًّا، أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِهَا شَافِعِيًّا لَا يَرَى تَكْذِيبَهُمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ اعْتِمَادًا عَلَى رُؤْيَتِهِمَا الْأُولَى بِنَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ الْآتِي.
قَوْلُهُ: [مُسْتَفِيضَةٌ] : أَيْ مُنْتَشِرَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ الَّتِي يَسْتَحِيلُ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ الْمُسْتَفِيضَةَ وَقَعَ فِيهَا خِلَافٌ؛ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ: أَنَّهُ الْمُحَصِّلُ خَبَرُهُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ، وَأَنْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ. وَاَلَّذِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَنَّ الْخَبَرَ الْمُسْتَفِيضَ هُوَ الْمُحَصِّلُ لِلْعِلْمِ لِصُدُورِهِ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى بَاطِلٍ لِبُلُوغِهِمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَبِيُّ وَالْمَوَّاقُ وَكَذَا شَارِحُنَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: يَسْتَحِيلُ عَادَةً تَوَاطُؤُهُمْ: أَيْ لِبُلُوغِهِمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ؛ وَإِلَّا فَخَبَرُ الْعَدْلَيْنِ يُفِيدُ الظَّنَّ.
قَوْلُهُ: [كَانُوا أَهْلَهُ أَمْ لَا] : هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute