للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَحْكُمُ بِهِ) : أَيْ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلِ؛ أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ فَقَطْ عِنْدَنَا، وَلَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ إنْ حَكَمَ بِهِ إلَّا لِمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِشَأْنِ الْهِلَالِ (فَإِنْ حَكَمَ بِهِ مُخَالِفٌ) لَنَا يَرَى ذَلِكَ (لَزِمَ) الصَّوْمُ، وَعَمَّ (عَلَى الْأَظْهَرِ) مِنْ أَحَدِ التَّرَدُّدَيْنِ.

(وَعَمَّ) الصَّوْمُ سَائِرَ الْبِلَادِ وَالْأَقْطَارِ وَلَوْ بَعُدَتْ (إنْ نَقَلَ عَنْ الْمُسْتَفِيضَةِ أَوْ) عَنْ (الْعَدْلَيْنِ بِهِمَا) أَيْ بِالْمُسْتَفِيضَةِ أَوْ الْعَدْلَيْنِ. فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ: نَقْلُ اسْتِفَاضَةٍ عَنْ مِثْلِهَا أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ، وَنَقْلُ عَدْلَيْنِ

ــ

[حاشية الصاوي]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُؤْيَةَ الْوَاحِدِ كَافِيَةٌ فِي مَحَلٍّ لَا اعْتِنَاءَ فِيهِ بِأَمْرِ الْهِلَالِ وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَثِقُ النَّفْسُ بِخَبَرِهِ وَتَسْكُنُ بِهِ لِعَدَالَةِ الْمَرْأَةِ وَحُسْنِ سِيرَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.

قَوْلُهُ: [عَلَى الْأَظْهَرِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخَالِفَ إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ بِهَذَا الْحُكْمِ؟ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَقَعَ فِي حُكْمٍ يَجُوزُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَهُوَ الْعِبَادَاتُ - وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ. أَوَّلًا يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ صَوْمُهُ؟ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ، لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ، وَحُكْمُهُ فِيهَا يُعَدُّ إفْتَاءً فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُحَاكِمَ بِصِحَّةِ صَلَاةٍ أَوْ بُطْلَانِهَا وَإِنَّمَا يَدْخُلُ حُكْمُهُ حُقُوقَ الْعِبَادِ مِنْ مُعَامَلَاتٍ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَلِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا؛ فَعَلَى هَذَا إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِثُبُوتِ الشَّهْرِ لَزِمَ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ إلَّا إنْ حَكَمَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ، قَالَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لِلْمَالِكِيِّ وَصَامَ النَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ، وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالْفِطْرِ، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَصْعُبُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ. وَلَا يُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِنَا، أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِهَا شَافِعِيًّا لَا يَرَى تَكْذِيبَهُمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ لِقُوَّةِ الْمُخَالَفَةِ هُنَا.

قَوْلُهُ: [فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ] : أَيْ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الصَّوْمُ اتِّفَاقًا وَسَيَأْتِي التَّفْصِيلُ فِي نَقْلِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>