للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّرْهَمِ لَا يُعْفَى عَنْهُ، ضَعِيفٌ. وَسَوَاءٌ كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّمِ وَمَا بَعْدَهُ أَصَابَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ - وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ - بِثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان، كَمَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُ عِبَارَتِهِ. وَصَرَّحَ الشَّيْخُ بِالْإِطْلَاقِ لَكِنْ قَدَّمَهُ عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُمَا.

(وَفَضْلَةِ دَوَابَّ لِمَنْ يُزَاوِلُهَا) أَيْ: أَنَّ فَضْلَةَ الدَّوَابِّ مِنْ بَوْلٍ أَوْ رَوْثٍ - سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّوَابُّ خَيْلًا أَوْ حَمِيرًا أَوْ بِغَالًا - إذَا أَصَابَتْ ثَوْبًا أَوْ بَدَنًا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُزَاوِلَهَا بِالرَّعْيِ أَوْ الْعَلَفِ أَوْ الرَّبْطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - يُعْفَى عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ لِمَنْ شَأْنُهُ مُزَاوَلَتُهَا. لَوْ أُمِرَ بِالْغَسْلِ كُلَّمَا أَصَابَتْهُ فَلَا مَفْهُومَ لِلْقُيُودِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: " وَبَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ ".

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [ضَعِيفٌ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا ثَلَاثُ طُرُقٍ، الْأُولَى: أَنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا، وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا، وَفِي الدِّرْهَمِ رِوَايَتَانِ: وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْعَفْوِ. وَالثَّانِيَةُ: مَا دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالدِّرْهَمُ وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مُصَنِّفُنَا تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَصَاحِبِ الْإِرْشَادِ. تَنْبِيهٌ:

إنَّمَا اخْتَصَّ الْعَفْوُ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو عَنْهُ، فَهُوَ كَالْقِرْبَةِ الْمَمْلُوءَةِ بِالدَّمِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، فَالِاحْتِرَازُ عَنْ يَسِيرِهِ عُسْرٌ، دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ. وَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ اغْتِفَارِ مِثْلِ رُءُوسِ الْإِبَرِ مِنْ الْبَوْلِ ضَعِيفٌ. نَعَمْ أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمَعْفُوَّاتِ الْمَذْكُورَةِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ بَوْلِ الطَّرَقَاتِ إذَا لَمْ يُتَبَيَّنْ، فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ، أَوْ خُفٍّ مِثْلِ أَنْ تَزِلَّ الرِّجْلُ مِنْ النَّعْلِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ فَيُصِيبَهَا مِنْ الْغُبَارِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُخَالَطَةُ الْبَوْلِ لَهُ إذْ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. (انْتَهَى بِالْمَعْنَى مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .

قَوْلُهُ: [فَلَا مَفْهُومَ لِلْقُيُودِ] : أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ: بَوْلٌ وَفَرْثٌ وَغَازٌ وَأَرْضُ الْحَرْبِ. لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَانَى الدَّوَابَّ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ بَوْلِهَا وَأَرْوَاثِهَا، كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ بِأَرْضِ حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهَا. غَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>