للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَثَرِ ذُبَابٍ مِنْ نَجَاسَةٍ وَدَمِ حِجَامَةٍ مُسِحَ حَتَّى يَبْرَأَ) أَيْ: يُعْفَى عَنْ أَثَرِ الذُّبَابِ يَقَعُ عَلَى الْعَذِرَةِ أَوْ الْبَوْلِ أَوْ الدَّمِ بِأَرْجُلِهِ أَوْ فَمِهِ، ثُمَّ يَطِيرُ وَيَحُطُّ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ. فَقَوْلُنَا: (مِنْ نَجَاسَةٍ) بَيَانٌ لِأَثَرٍ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ " مِنْ عَذِرَةٍ " إذْ لَا مَفْهُومَ لَهَا. وَمِثْلُ الذُّبَابِ النَّامُوسُ، أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ النَّامُوسَ. وَالْعَامَّةُ تَقْلِبُ الْبَاءَ الْأَخِيرَةَ نُونًا وَيُشَدِّدُونَ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ الْحِجَامَةِ إذَا مُسِحَ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْمُحَالُ لِمَشَقَّةِ غَسْلِهِ قَبْلَ بُرْءِ الْجُرْحِ. فَإِذَا بَرَأَ غُسِلَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ، أَيْ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْخِلَافِ. (وَطِينٍ كَمَطَرٍ وَمَائِهِ مُخْتَلِطًا بِنَجَاسَةٍ مَا دَامَ طَرِيًّا فِي الطُّرُقِ وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِ نُزُولِهِ، إلَّا أَنْ تَغْلِبَ عَلَيْهِ أَوْ تُصِيبَ عَيْنُهَا) : يُعْفَى عَنْ طِينِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ كَطِينِ الرَّشِّ وَمُسْتَنْقَعِ الطُّرُقِ. وَكَذَا يُعْفَى عَنْ مَاءِ الْمَطَرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ حَالَ كَوْنِ مَا ذُكِرَ مِنْ الطِّينِ أَوْ الْمَاءِ مُخْتَلِفًا بِنَجَاسَةٍ، وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَذِرَةً أَوْ

ــ

[حاشية الصاوي]

مَا هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْقُيُودُ الْأَرْبَعَةُ فَلَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادُهُ، بَلْ الْعَفْوُ مُطْلَقٌ لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَّ قَيْدٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِهَادِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: [وَمِثْلُ الذُّبَابِ] إلَخْ: أَيْ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ النَّامُوسُ.

قَوْلُهُ: [أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ] إلَخْ: أَيْ فَفِيهِ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ النَّمْلُ الصَّغِيرُ. وَأَمَّا الْكَبِيرُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّ وُقُوعَهُ عَلَى الْإِنْسَانِ نَادِرٌ.

قَوْلُهُ: [إلَى أَنْ يَبْرَأَ] : فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ [حَتَّى] فِي الْمَتْنِ بِمَعْنَى إلَى.

قَوْلُهُ: [أَيْ وُجُوبًا] إلَخْ: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ أَثَرُ الدَّمِ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لِوُجُوبِ الْغَسْلِ وَلَا لِاسْتِنَانِهِ. وَمِثْلُ أَثَرِ الْحِجَامَةِ أَثَرُ الْفَصْدِ فَإِذَا بَرَأَ أُمِرَ بِالْغَسْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا وَلَمْ يَغْسِلْ، أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الرَّاجِحِ مِمَّا فِي خَلِيلٍ لِيَسَارَةِ الدَّمِ، لِكَوْنِهِ أَثَرًا لَا عَيْنًا. وَمُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَأْمُرُهُ بِغَسْلِهِ. قَوْلُهُ: [وَنَحْوِهِ] وَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي [وَكَذَا] إلَخْ إشَارَةٌ لِمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ.

قَوْلُهُ: [سَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ] إلَخْ: أَيْ وَكَانَ الطِّينُ أَكْثَرَ مِنْهَا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ تَسَاوِيًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>