الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْوِيَ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا، وَلَا يَصِحُّ إرْدَافُ عُمْرَةٍ عَلَى حَجٍّ لِقُوَّتِهِ فَلَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ يُرْدِفُهُ) : أَيْ الْحَجَّ (عَلَيْهَا) : أَيْ الْعُمْرَةِ، بِأَنْ يَنْوِيَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي طَوَافِهَا أَوْ (بِطَوَافِهَا) قَبْلَ تَمَامِهِ. وَمَحِلُّ صِحَّةِ إرْدَافِهِ: (إنْ صَحَّتْ) الْعُمْرَةُ لِوَقْتِ الْإِرْدَافِ، فَإِنْ فَسَدَتْ بِجِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ قَبْلَ الْإِرْدَافِ، لَمْ يَصِحَّ.
وَوَجَبَ إتْمَامُهَا فَاسِدَةً، ثُمَّ يَقْضِيهَا وَعَلَيْهِ دَمٌ. (وَكَمَّلَهُ) أَيْ الطَّوَافَ الَّذِي أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِيهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْهِ وُجُوبًا، (وَ) لَكِنْ (لَا يَسْعَى) لِهَذِهِ الْعُمْرَةِ (حِينَئِذٍ) : أَيْ حِينَ أَرْدَفَهُ عَلَيْهَا بِطَوَافِهَا، لِأَنَّهُ صَارَ غَيْرَ وَاجِبٍ لِانْدِرَاجِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ؛ فَالطَّوَافُ الْفَرْضُ لَهُمَا هُوَ الْإِفَاضَةُ وَلَا قُدُومَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ، حَيْثُ جَدَّدَ نِيَّةَ الْحَجِّ فِيهَا. وَالسَّعْيُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طَوَافٍ وَاجِبٍ، وَحِينَئِذٍ فَيُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَانْدَرَجَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَيَكُونُ الْعَمَلُ لَهُمَا وَاحِدًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ] : أَيْ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَرْتَدِفُ عَلَيْهِ حَجٌّ آخَرُ وَلَا عُمْرَةٌ كَمَا قَالَ خَلِيلٌ: " وَلَغَا عُمْرَةً عَلَيْهِ كَالثَّانِي فِي حُجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ ".
قَوْلُهُ: [أَوْ بِطَوَافِهَا قَبْلَ تَمَامِهِ] : أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ فَاتَ الْإِرْدَافُ.
قَوْلُهُ: [لَمْ يَصِحَّ] : أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ قَالَهُ سَنَدٌ. وَهُوَ بَاقٍ عَلَى عُمْرَتِهِ، وَلَا يَحْتَجُّ حَتَّى يَقْضِيَهَا، فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ تَمَامِهَا وَقَبْلَ قَضَائِهَا صَحَّ حَجُّهُ وَلَوْ فَسَدَتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَمُتَمَتِّعٌ، وَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ، كَذَا فِي الْأُجْهُورِيِّ (اهـ) مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَالسَّعْيُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طَوَافٍ وَاجِبٍ] : أَيْ وُجُوبًا غَيْرَ شَرْطٍ كَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ تَقَدُّمُ طَوَافٍ، وَكَوْنُ الطَّوَافِ وَاجِبًا غَيْرَ شَرْطٍ.
قَوْلُهُ: [فَيُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْإِضَافَةِ] : أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ قَدَّمَهُ أَجْزَأَ وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِ فَرْضِيَّتَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا لَزِمَهُ دَمٌ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [فَيَكُونُ الْعَمَلُ لَهُمَا وَاحِدًا] : خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي إيجَابِهِ عَلَى الْقَارِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute