(وَكُرِهَ) الْإِرْدَافُ (بَعْدَهُ) : أَيْ الطَّوَافِ، وَصَحَّ قَبْلَ الرُّكُوعِ، بَلْ (وَلَوْ بِالرُّكُوعِ) أَيْ فِيهِ (لَا بَعْدَهُ) فَلَا يَصِحُّ لِتَمَامِ غَالِبِ أَرْكَانِهَا إذْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْهَا إلَّا السَّعْيُ.
(فَالتَّمَتُّعُ) يَلِي الْقِرَانَ فِي الْفَضْلِ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: (بِأَنْ يَحِلَّ مِنْهَا) : أَيْ مِنْ الْعُمْرَةِ (فِي أَشْهُرِهِ) : أَيْ الْحَجِّ، وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ أَحْرَمَ بِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهَا، وَأَتَمَّهَا فِيهَا وَلَوْ بِبَعْضِ الرُّكْنِ الْأَخِيرِ مِنْهَا؛ كَمَنْ أَحْرَمَ بِهَا فِي رَمَضَانَ، وَتَمَّمَ سَعْيَهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ مِنْ لَيْلَةِ شَوَّالٍ (ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ) الَّذِي اعْتَمَرَ فِيهِ، (وَإِنْ) كَانَ حَجُّهُ مُلْتَبِسًا (بِقِرَانٍ) فَحَقِيقَةُ التَّمَتُّعِ حَجُّ مُعْتَمِرٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِتَمَتُّعِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية الصاوي]
طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ، بَلْ لَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ الْقَارِنَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِالْأَفْعَالِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنَّهَا لَهُمَا، بَلْ لَوْ لَمْ يَسْتَشْعِرْ الْعُمْرَةَ أَجْزَأَ.
قَوْلُهُ: [لَا بَعْدَهُ فَلَا يَصِحُّ] : أَيْ وَيَكُونُ لَاغِيًا وَأَمَّا بَعْدَ السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحِلَاقِ فَحَجٌّ مُؤْتَنَفٌ بَعْدَ عُمْرَةٍ تَمَّتْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ لِاسْتِلْزَامِ تَأْخِيرِ حَقِّ الْعُمْرَةِ لِلتَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ، وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ لِلتَّأْخِيرِ، فَلَوْ حَلَقَ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَقَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ أَفْعَالِهِ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ وَهَدْيٌ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْوَاجِبَ أَصَالَةُ تَرْكِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ حَتَّى يَحْلِقَ لِلْعُمْرَةِ، فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ وَأَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ حِلَاقِهَا وَبَعْدَ سَعْيِهَا صَحَّ وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ الْحَلْقِ لِلْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ وَأَهْدَى لِتَرْكِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ، فَإِنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ قَبْلَ الْفَرَاغِ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ لِإِزَالَةِ الْأَذَى وَهُوَ مُحْرِمٌ وَهَدْيٌ، لِعَدَمِ تَعْجِيلِ الْحَلْقِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.
قَوْلُهُ: [فَالتَّمَتُّعُ يَلِي الْقِرَانَ] : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَأَحَلَّ مِنْهُ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَجَلَسَ حَتَّى أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ. وَالتَّمَتُّعُ - وَإِنْ كَانَ يَلِي الْقِرَانَ فِي الْفَضْلِ - أَفْضَلُ مِنْ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ أَوْجُهَ الْإِحْرَامِ أَرْبَعَةٌ، إفْرَادٌ وَقِرَانٌ وَتَمَتُّعٌ وَإِطْلَاقٌ، وَهِيَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ حَجُّهُ مُلْتَبِسًا بِقِرَانٍ] : أَيْ وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute