صَلَاةُ سَيِّدِي عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مُشَيْشٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَانَ يُبَشِّرُنِي فِي صِغَرِي بِأَنْ أَكُونَ عَالِمًا. مَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شَهِيدًا بِالطَّاعُونِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ الْأَلْفِ وَمِائَةٍ، وَعُمْرِي نَحْوُ عَشْرِ سِنِينَ، وَشُوهِدَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ مَوْلَى النِّعَمِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَا خَصَّ مِنْهَا وَعَمَّ) الْحَمْدُ هُوَ الْوَصْفُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَبْدُ السَّلَامِ إلَخْ] : هُوَ شَيْخُ أَبِي الْحَسَنِ الشَّاذِلِيِّ، وَنَاهِيك بِشَيْخٍ، الشَّاذِلِيُّ تِلْمِيذُهُ، وَمُشِيش - بِشِينَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَأَوَّلُهُ مِيمٌ أَوْ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ - وَأَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الشَّارِحُ عَنْ وَالِدِهِ الْمَذْكُورِ، أَنَّ زَوْجَتَهُ كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَيْهِ فَتَجِدُ عِنْدَهُ شُمُوعًا مُوقَدَةً فِي أَوْقَاتِ الظَّلَامِ، فَتَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ: إنَّهَا أَنْوَارُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَخْبَرَنَا أَيْضًا أَنَّهُمْ كَانُوا فِي ضِيقِ عَيْشٍ فَتُوضَعُ الصَّحْفَةُ فِيهَا الطَّعَامُ الْقَلِيلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَقْرَأُ عَلَيْهَا سُورَةَ قُرَيْشٍ، فَيُبَارَكُ فِيهَا وَيَأْكُلُ مِنْهَا النَّاسُ الْكَثِيرُونَ. قَالَ الشَّيْخُ فَصِرْت أَقْرَأُ تِلْكَ السُّورَةَ عَلَى الْأَبْوَابِ الْمُغْلَقَةِ فَتُفْتَتَحُ بِغَيْرِ مِفْتَاحٍ، فَشَاعَ عَنِّي - وَأَنَا صَغِيرٌ - أَنِّي أَفْتَحُ الْأَبْوَابَ بِغَيْرِ مِفْتَاحٍ.
قَوْلُهُ: [وَعُمْرِي نَحْوُ عَشْرِ سِنِينَ] : فَيَكُونُ مَوْلِدُ الشَّيْخِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ بَعْدَ الْأَلْفِ؛ فَسِنُّهُ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَشْهَدِهِ الْمَشْهُورِ بِالْكَعْكِيِّينَ، وَكَرَامَاتُهُ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ أَظْهَرُ مِنْ الشَّمْسِ فِي رَابِعَةِ النَّهَارِ. وَأَقُولُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ:
لِي سَادَةٌ مِنْ عِزِّهِمْ ... أَقْدَامُهُمْ فَوْقَ الْجِبَاهِ
إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ فَلِي ... فِي حُبِّهِمْ عِزٌّ وَجَاهْ
قَوْلُهُ: [وَشُوهِدَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ] : قَدْ تَقَدَّمَ لَك بَعْضُهَا.
قَوْلُهُ: [الْحَمْدُ لِلَّهِ] : لَمَّا افْتَتَحَ بِالْبَسْمَلَةِ افْتِتَاحًا حَقِيقِيًّا افْتَتَحَ بِالْحَمْدِ لَهُ افْتِتَاحًا إضَافِيًّا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ جَمْعًا بَيْنَ حَدِيثَيْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ، وَحَمَلَ الْبَسْمَلَةَ عَلَى الِابْتِدَاءِ الْحَقِيقِيِّ، وَالْحَمْدَلَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ الْإِضَافِيِّ لِمُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَلِقُوَّةِ حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى حَدِيثِ الْحَمْدَلَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» ، وَهُنَاكَ أَوْجُهٌ أُخَرُ مَشْهُورَةٌ لِدَفْعِ التَّعَارُضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute