فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْجَمِيعِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى إدَامَةِ التَّجَرُّدِ فَيَنْوِي الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ يَلْبَسُ قُمْصَانَهُ وَعِمَامَتَهُ وَسَرَاوِيلَهُ بِفَوْرٍ، فَإِنْ تَرَاخَى تَعَدَّدَتْ.
وَأَشَارَ لِثَانِيهَا بِقَوْلِ: (أَوْ) تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْمُوجِبَاتِ، لَكِنْ (نَوَى) عِنْدَ فِعْلِ الْأَوَّلِ (التَّكْرَارَ) : كَأَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلَّ مَا احْتَاجَ لَهُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْكَفَّارَةِ، أَوْ مُتَعَدِّدًا مُعَيَّنًا فَفَعَلَ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِ: (أَوْ) لَمْ يَنْوِ التَّكْرَارَ، وَلَكِنْ (قَدَّمَ) فِي الْفِعْلِ (مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ؛ كَثَوْبٍ) قَدَّمَهُ فِي اللُّبْسِ (عَلَى سَرَاوِيلَ) ، أَوْ غِلَالَةٍ أَوْ حِزَامٍ فَتَتَّحِدُ؛ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَهَذَا (مَا لَمْ يُخْرِجْ لِلْأَوَّلِ) كَفَّارَتَهُ (قَبْلَ) فِعْلِ (الثَّانِي) وَإِلَّا أَخْرَجَ لِلثَّانِي أَيْضًا.
وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِ: (أَوْ ظَنَّ) الَّذِي ارْتَكَبَ مُوجِبَاتٍ مُتَعَدِّدَةً (الْإِبَاحَةَ)
ــ
[حاشية الصاوي]
الْيَوْمَ فَوْرٌ وَأَنَّ التَّرَاخِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لَا أَقَلُّ.
قَوْلُهُ: [فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ] : أَيْ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُ كَاللُّبْسِ مَعَ الطِّيبِ وَالتَّدَاوِي لِقُرُوحٍ مَثَلًا، وَنِيَّةُ التَّكْرَارِ تَصْدُقُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ: أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ مَا أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ فَيَفْعَلُ الْجَمِيعَ أَوْ بَعْضًا مِنْهُ، أَوْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْهَا، أَوْ يَنْوِيَ مُتَعَدِّدًا مُعَيَّنًا فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ] : أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْخَاصِّ الَّذِي أَخَّرَهُ زِيَادَةُ نَفْعٍ عَلَى الْعَامِّ كَمَا إذَا أَطَالَ السَّرَاوِيلَ طُولًا لَهُ بَالٌ يَحْصُلُ بِهِ انْتِفَاعٌ أَوْ دَفْعُ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَتَتَعَدَّدُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غِلَالَةٍ] : وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّدِيرِيّ الْمَعْلُومُ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَعْجَبُوا مِنْ بَلْيِ غِلَالَتِهِ ... قَدْ زَرَّرَ أَزْرَارَهُ عَلَى الْقَمَرِ
قَوْلُهُ: [هَذَا مَا لَمْ يَخْرُجْ لِلْأَوَّلِ] إلَخْ: هَذَا التَّقْيِيدُ رَاجِحٌ لِمَا إذَا نَوَى لِلتَّكْرَارِ، وَتَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْأَصْلِ، وَقَيَّدَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا وَلَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِتَقْدِيمِ الْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ، فَإِنَّ الْأَخَصَّ لَا شَيْءَ فِيهِ مُطْلَقًا فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ.