للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا أَيْ ظَنَّ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهَا فَفَعَلَهَا، لَكِنْ لَا مُطْلَقًا - كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ - بَلْ (بِظَنِّ) : أَيْ بِسَبَبِ ظَنِّ (خُرُوجِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْإِحْرَامِ؛ كَمَنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ أَوْ لِلْعُمْرَةِ بِلَا وُضُوءٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ أَوْ عُمْرَتِهِ بِالسَّعْيِ بَعْدَهُمَا فِي اعْتِقَادِهِ فِعْلَ مُوجِبَاتِ الْكَفَّارَةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادَهُمَا وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ؛ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَكَذَا مَنْ رَفَضَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ أَوْ أَفْسَدَهُمَا بِوَطْءٍ فَظَنَّ خُرُوجَهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ أَوْ الْمَرْفُوضِ فَارْتَكَبَ مُوجِبَاتٍ مُتَعَدِّدَةً، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ فَقَطْ. وَأَمَّا مُحْرِمٌ جَاهِلٌ ظَنَّ إبَاحَةَ أَشْيَاءَ تَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ فَفَعَلَهَا - إلَّا فِي فَوْرٍ - فَعَلَيْهِ لِكُلٍّ فِدْيَةٌ وَلَا يَنْفَعُهُ جَهْلُهُ. وَكَذَا مَنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَظَنَّ أَنَّ الْمُوجِبَاتِ تَتَدَاخَلُ وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا فِدْيَةٌ فَقَطْ لِمُوجِبَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَمْ يَنْفَعْهُ ظَنُّهُ.

(وَشَرْطُهَا) : أَيْ الْكَفَّارَةِ - أَيْ شَرْطُ وُجُوبِهَا - (فِي اللُّبْسِ) لِثَوْبٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا:

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ] : أَيْ فَيَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ أَنَّ ظَنَّ الْإِبَاحَةِ نَافِعٌ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَفْرُوضٌ فِيمَا مَثَّلَ بِهِ شَارِحُنَا.

قَوْلُهُ: [فِعْلَ مُوجِبَاتِ الْكَفَّارَةِ] : أَيْ الْفِدْيَةِ أَيْ فِعْلِ أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ كُلٍّ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ بِنَفْسِهِ، كَلُبْسِ مُحِيطٍ وَدَهْنٍ بِمُطَيَّبٍ، وَتَقْلِيمِ أَظْفَارٍ وَحَلْقِ شَعْرٍ كَثِيرٍ لَكِنْ اُعْتُرِضَ تَمْثِيلُهُ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنَّهُ فِي فَسَادِ الْإِفَاضَةِ يَرْجِعُ حَلَالًا يَفْعَلُ كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ الْحَلَالُ إلَّا النِّسَاءَ وَالصَّيْدَ، فَإِذَا فَعَلَ غَيْرَهُمَا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ. وَأُجِيبُ بِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا خَالَفَ الْوَاجِبَ وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَ الرَّمْيِ، وَكَانَ طَوَافُهُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ مُعْتَقِدًا الطَّهَارَةَ، ثُمَّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ فَعَلَ أُمُورًا كُلٌّ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةِ.

قَوْلُ: [فَارْتَكَبَ مُوجِبَاتِ] إلَخْ: أَيْ ظَانًّا إبَاحَةَ فِعْلِهَا، أَوْ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ. وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الْإِبَاحَةِ فَلَا يَنْفِي التَّعَدُّدَ، وَيَتَأَتَّى لَهُ الشَّكُّ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ شَكٌّ فِي الْإِبَاحَةِ بَلْ يَعْتَقِدُهَا أَوْ يَظُنُّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>