عَوْرَتِهِ فِي الْفَضَاءِ وَلَا يُسَمِّي بَعْدَ دُخُولِهِ الْكَنِيفَ، وَلَوْ لَمْ يَصِلْ الْمَحَلَّ بِأَنْ يَقُولَ: " بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إلَخْ "، وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ؛ جَمْعُ خَبِيثٍ: ذَكَرُ الشَّيَاطِينِ. وَقَدْ تُسَكَّنُ الْبَاءُ. وَالْخَبَائِثُ؛ جَمْعُ خَبِيثَةٍ: أُنْثَى الشَّيَاطِينِ.
وَمِنْ الْآدَابِ الْمَنْدُوبَةِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلَاءِ أَوْ بَعْدَ تَحَوُّلِهِ مِنْ مَكَانِهِ فِي الْفَضَاءِ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ ". وَلَيْسَ بَعْدَ الْخُرُوجِ تَسْمِيَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
(وَسُكُوتٌ إلَّا لِمُهِمٍّ) : أَيْ وَيُنْدَبُ لَهُ السُّكُوتُ مَا دَامَ فِي الْخَلَاءِ - وَلَوْ بَعْدَ
ــ
[حاشية الصاوي]
فِيهِ تَسَلُّطًا وَقُدْرَةً عَلَى ابْنِ آدَمَ لَمْ تَكُنْ فِي غَيْرِهِ بِسَبَبِ غَيْبَةِ الْحَفَظَةِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ تُسَكَّنُ الْبَاءُ] : وَقِيلَ بِالسُّكُونِ: الْكُفْرُ.
قَوْلُهُ: [الْحَمْدُ لِلَّهِ] إلَخْ: وَمِنْهُ أَيْضًا مَا وَرَدَ أَنَّهُ يَقُولُ: «غُفْرَانَك» . وَالْحِكْمَةُ فِي طَلَبِ الْغُفْرَانِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ خُرُوجُ الْأَخْبَثَيْنِ بِسَبَبِ خَطِيئَةِ آدَمَ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ حَيْثُ جُعِلَ مُكْثُهُ فِي الْأَرْضِ، وَمَا تَنَالُ ذُرِّيَّتُهُ فِيهَا عِظَةٌ لِلْعِبَادِ وَتَذْكِرَةٌ لِمَا تَئُولُ إلَيْهِ الْمَعَاصِي، فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ لَمَّا وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ رِيحَ الْغَائِطِ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَا هَذَا؟ فَقَالَ تَعَالَى: هَذَا رِيحُ خَطِيئَتِك، فَكَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلَاءِ: غُفْرَانَك» ، الْتِفَاتًا إلَى هَذَا الْأَصْلِ تَذْكِيرًا لِأُمَّتِهِ بِهَذِهِ الْعِظَةِ (اهـ مِنْ الْحَاشِيَةِ) . وَفِي رِوَايَةٍ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي لَذَّتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ وَأَبْقَى فِي جِسْمِي قُوَّتَهُ» .
قَوْلُهُ: [وَسُكُوتٌ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ حِينَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ يُورِثُ الصَّمَمَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَا يَحْمَدُ إنْ عَطَسَ، وَلَا يُجِيبُ مُؤَذِّنًا وَلَا يَرُدُّ عَلَى مُسْلِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute