للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُرُوجِ الْأَذَى - إلَّا لِأَمْرٍ مُهِمٍّ يَقْتَضِي كَلَامَهُ؛ كَطَلَبِ مَا يُزِيلُ بِهِ الْأَذَى. وَقَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ كَإِنْقَاذِ أَعْمَى مِنْ سُقُوطٍ فِي حُفْرَةٍ أَوْ تَخْلِيصِ مَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(وَبِالْفَضَاءِ: تَسَتُّرٌ، وَبُعْدٌ، وَاتِّقَاءُ جُحْرٍ، وَرِيحٍ، وَمَوْرِدٍ، وَطَرِيقٍ، وَظِلٍّ، وَمَجْلِسٍ، وَمَكَانٍ نَجِسٍ) : مِنْ الْآدَابِ الْمَنْدُوبَةِ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ بِالْفَضَاءِ: أَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِشَجَرٍ أَوْ صَخْرَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُرَى جِسْمُهُ. وَأَمَّا سَتْرُ عَوْرَتِهِ عَنْهُمْ فَوَاجِبٌ. وَأَنْ يَبْعُدَ عَنْهُمْ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتُ رِيحٍ يَخْرُجُ مِنْهُ، وَأَنْ يَتَّقِيَ - أَيْ يَتَجَنَّبَ - قَضَاءَ حَاجَتِهِ فِي جُحْرٍ؛ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ ثُقْبٍ فِي الْأَرْضِ مُسْتَدِيرٍ أَوْ مُسْتَطِيلٍ، لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهُ مَا يُؤْذِيهِ مِنْ الْهَوَامِّ، وَلِأَنَّهُ مَسْكَنُ الْجِنِّ، فَرُبَّمَا حَصَلَ مِنْهُمْ لَهُ أَذِيَّةٌ. وَأَنْ يَتَّقِيَ مَهَبَّ الرِّيحِ لِئَلَّا يَعُودَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ فَيُنَجِّسَهُ وَأَنْ يَتَّقِيَ مَوْرِدَ النَّاسِ: أَيْ مَحَلَّ وُرُودِهِمْ لِلْمَاءِ، لِأَنَّهُ يُؤْذِي النَّاسَ فَيَلْعَنُونَهُ. وَأَنْ يَتَّقِيَ الطُّرُقَ الَّتِي يَمُرُّ فِيهَا النَّاسُ، وَأَنْ يَتَّقِيَ الظِّلَّ: أَيْ الْمَحَلَّ الَّذِي

ــ

[حاشية الصاوي]

وَلَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ، كَالْمُجَامِعِ. بِخِلَافِ الْمُلَبِّي وَالْمُؤَذِّنِ فَإِنَّهُمَا يَرُدَّانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَأَمَّا الْمُصَلِّي فَيَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ.

قَوْلُهُ: [مِنْ الْآدَابِ الْمَنْدُوبَةِ] إلَخْ: جَعَلَ هَذِهِ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ فِي الْحِلِّ.

قَوْلُهُ: [وَأَمَّا سَتْرُ عَوْرَتِهِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَاجِبٌ. وَمَصَبُّ النَّدْبِ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُمْ بِحَيْثُ لَا يُرَى لَهُ جِسْمٌ وَلَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ. وَهَذَا بِالْفَضَاءِ كَمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا فِي الْكَنِيفِ فَلَا يَضُرُّ سَمَاعُ صَوْتِهِ وَلَا شَمُّ رِيحِهِ لِلْمَشَقَّةِ.

قَوْلُهُ: [أَوْ مُسْتَطِيلٍ] : أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجُحْرِ خُصُوصَ الْمُسْتَدِيرِ بِالْجُحْرِ، بَلْ مَا يَشْمَلُ السَّرَبَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ، وَلَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْمُسْتَدِيرُ.

قَوْلُهُ [مَهَبَّ الرِّيحِ] : أَيْ جِهَةَ هُبُوبِهِ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا.

قَوْلُهُ: [الطُّرُقَ] : هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ. لِأَنَّ الطَّرِيقَ إمَّا مُوصِلَةٌ لِلْمَاءِ فَتَكُونُ مَوْرِدًا، وَإِمَّا غَيْرُ مُوصِلَةٍ لَهُ فَلَا تَكُونُ مَوْرِدًا. وَقَدْ يُقَالُ الطَّرِيقُ عُرْفًا: مَا اُعْتِيدَ لِلسُّلُوكِ، وَالْمَوْرِدُ مَحَلُّ الْوُرُودِ فَهُوَ مُغَايِرٌ، وَلِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَدِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>