للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه - عشرة آلافَ دينار، فلمّا عاد أَحضر إليه كلُّ واحدٍ ما استودعه إلَّا صدر الدين وأَحمد بن أَوحد الدين شيخ السرياقوسيَّة.

فأَما أَحمد فضمن دركه ابن أَبي شاكر فلم يلحقه عقاب؛ وأَمّا صدر الدين فكان قد حجَّ واستبضع بذلك المال بضاعةً، فلما عاد قُبض عليه وأُلزم ببيع تلك البضاعة فباعها بثمن بخس، وبقي عليه من الوديعة قريبٌ من أَلفي دينار، فلم يزل في الترسيم إلى أَن شَفع فيه بعض الكتاب فأُطلق، وبقي من المال زيادةً على الأَلف فذهبت (١) جحافا.

* * *

وفي المحرّم أَراد الناصر بإِشارة بعض القبط أَن يأْخذ من المدرسة الجمالية برحبة العيد ما بها من الرخام وكان عجبًا في حسنه: انتقاه جمال الدين من بيوتٍ كبارٍ وجعله بها، فعزم [الناصر] على ذلك فأَشار عليه كاتب السرِّ فتح الله أَن يترك المدرسة على ما هي عليه لسوءِ السمعة في ذلك، والتزم له أَن يصيّرها مِلْكه ثم يوقفها هو فتُنسب إليه ويبطل منها اسم جمال الدين فأَصْغى لذلك؛ فتكلم فتح الله مع القضاة إلى أَن صوّروا في ذلك صورةً وحكموا بصحّتها، ومحوا اسم جمال الدين من المدرسة وأُثْبِتَ اسمُ الناصر، وصارت الجمالية هي الناصريّة وذلك من أَطرف ما يُسْمع، ولم يكن قَصْدُ فتح الله في ذلك إلَّا الخير على ما اطَّلعنا عليه من باطن القصة، ودخلها (٢) الناصرُ في أواخر المحرّم وصلَّى بها وقرَّر مَن بها من المدرّسين والطلبة على حالهم في الأَغلب.

* * *

واستقر دمرداش أَتابكَ العسْكر بالقاهرة، وبكتمر جَلَق أَميرًا كبيرًا بها، وتكلَّم دمرداش هو وفتح الله في المرستان المنصوري.

وفى صفر جهَّز الناصر جماعةً من الأُمراء البطالين والمماليك إلى الشام على إقطاعات هناك ليكونوا أَعوانًا لنائب الشام فتوجّهوا.


(١) في هـ "بقيت مجانا".
(٢) أي دخل المدرسة الجمالية أو الناصرية كما أصبحت تسمى.