للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتح الله فأَرْسل جماعة، منهم: محمد بن مبارك الطازى - وهو أَخو الخليفة لأُمه - ورَتَّب معه ورقةٌ فيها مثالب الناصر، وأَن الخليفة عزله من السلطنة فلا يحلّ لأَحدٍ من المسلمين القتال معه ولا مساعدته فإنه فعل وفعل؛ وعدَّد مثالب الناصر، وقرأَها شيخ بينهم جهْرًا ودار بها على الوطاق كلِّه حتى بلغ ذلك النَّاصر وتحقَّقه، وتوعّد الخليفة بكل سوء ظنَّا منه أَن ذلك مِن تدبيره. فبلغ ذلك الخليفةَ فسقط في يده وأَيِس من صلاح النَّاصر فأَجاب إلى ما التمسوه منه من القيام بالأَمر، فبايعوه كلهم وحلفوا له على الوفاء، وأَحضروا له لباس الخطيب الأَسود فلبسه وجلس على كرسيٍّ وقام الكل بيْن يديه.

وقرّر بكتمر جلق في نيابة الشام، وقرقماس في نيابة حلب، وسودون الجلب في نيابة طرابلس، والأَميرين: شيخ ونوروز في ركابه يدبران الأَمر.

ونادى منادى الخليفة: "أَلَا إنَّ فرج بن برقوق قد خُلع من السلطنة، ومَن حضر إلى أَمير المؤمنين وابن عمّ رسول الله فهو آمن! " فتسلَّلَ الناس عن الناصر، وكتب المستعين إلى القاهرة باجتماع الكلمة وأَمر يلبغا الناصري بحفظ البلد.

فلما كان صبيحة هذا اليوم قدم الحاج فتلقَّاهم شيخ وبعث كل طائفة إلى الجهة التي هي مقصدها، ومنَعهم أَن يمّروا تحت القلعة.

وفى سابع عشرى المحرّم استقرّ برهان الدين الباعونى في قضاء الشافعية بالقاهرة عوضًا عن البلقيني، وشهاب الدين الحسبانى في قضاء الشافعية بدمشت عرضًا عن الإخنائي، واشتغل الأَميران بحصار النَّاصر؛ وقُتِل في هذه الفتنة (١) خلق من الأُمراء منهم: يشبك العثماني.

ولمَّا بلغ الناصرَ ما صنع فتحُ الله عَزَله من كتابة السرّ وقرّر عرضه فخرَ الدين بنَ المزوّق، وأضاف نظر الخاص إلى الوزير سعد الدين بن البشيري وكان معه بدمشق.

* * *


(١) في ز "السنة".