بحيث أَنه كان عند الناروز قد وَفَى ثمانية عشر ذراعًا واستبشر الناس بذلك، وخفَّ الظلم جدًّا وتعَطَّلت الرمايات والمصادرات، ومُنع بيع الأَنفس الأَحرار والمجاهرة بالمحارم في الجملة.
وفى السادس عشر من جمادى الأولى قرى تقليد الأَمير شيخ بتفويض الخليفة له أَمورَ المملكة وجميع ما قد اشتهر من خلافته.
وفى ثالث (١) عشريه جلس في الحرّاقة وبين يديه القضاة والأُمراءُ والمباشرون، وقرأَ كاتب السرّ عليه القصص كما جرت العادة عند السلاطين في دار العدْل، ولم يبْق له من السلطنة سوي اسمها والسكة والخطبة، واستمرّ يعمل هذه الخدمة كل اثنين وخميس.
وفي رابع عشريه قُرّر صدر الدين بن الأَدمى في قضاء الحنفية بالقاهرة وصُرف ابن العديم، فسعى ابن العديم بالمال حتى أُعيد إلى الشيخونية في رجب وصُرف أَمين الدين بن الطرابلسي، وأرسل جقمق إلى بلاد الشام بتقاليد النواب من جهة الخليفة.
وفى الثامن من جمادى الآخرة مات بكثمر جلق وكان قد لسعَتْه عقرب من مدة شهرين فتمرّض منها إلى أَن مات، ونزل شيخ للصلاة عليه راكبًا والناس مشاة، فخلا الجو الشيخٍ بموت بكتمر.
وفيه جُهّزَت سارة بنت الملك الظاهر إلى زوجها نوروز بدمشق فخرج لملاقاتهَا إلى الرملة، فوصلَتْ وهي ضعيفة فتوجّه بها إلى القدس فماتَتْ هناك.
ولما دخل القدس اتَّصل به شمس الدين محمد بن عطاء الله الهروى فقرّره في تدريس الصلاحية عوضًا عن الشيخ زين الدين القمنى، وكانت الوظيفة بيَدِ القمنى ويستنيب فيها شهاب الدين بن الهائم، فمات ابن الهائم فخلت من مدرّس فوثب عليها الهروى.
وفى جمادى الآخرة قرأَ البارزى مُوَقعُ شيخ بين يديه القصص في غير أَيام الخدمة، وكثُر الناس على بابه وقلّ تردَادهم إلى فتح الله، فبدأَ جانبه في الانحطاط.