وفى يوم الإثنين العشرين من جمادى الأُولى فَتح دار العدل وأَحضر جميعَ الأُمراء والقضاة ونودِيَ:"من كانت له ظلامة فليَحْضُر دار العدل" فكان أكابر الناس يهابون ذلك ويتعاطون الحقوق بينهم خوفًا من الخجل، واستمر [السلطان] على ذلك في كل يوم اثنين وخميس فتُقْرَأ عليه القصص ويوقع عليها بين يديه بفصل الحكومات.
وفى زمانه خطب له اللحيان بمدينة طرابلس الغرب.
وتوجّه في شوال سنة ثنتى عشرة إلى الشام لما سمع بقصد خربندا الشام فلما كان بأَثناءِ الطريق بلغه رجوعه فدخل الشام في طائفةٍ وحجّ من الكرك وعاد في حادى عشر المحرم سنة ثلاث عشرة إلى دمشق وهو راكب ناقةً وفى يده حربة وعليه بشت من صوفٍ وعمامةٌ بلثام، فأَقام بدمشق ثم دخل القاهرة في ثانى عشر صفر ثم دخل الصعيد في سنة ثلاث عشرة فمهّده، وأَنشأَ فيها القصر الأبلق وعمل عند فراغه وليمةً عظيمة، وكتب إلى الشام بإِسقاطِ ما على الناس من البواقى من سنة ثمانٍ وتسعين إلى سنة ثنتى عشرة، وراك أراضى الزرع بقبلى مصر وغربيها في سنة خمس عشرة.
وفيها حلق رأْسه وكان قد مَرِض، فحلق الأُمراءُ رؤؤسهم وبطلت الذوائب من حينئذ، وأحدث السلطان ديوانًا خاصًّا وأَبطل نحو الخمسة عشر مكسًا وقرّر عدّةً من الأُمراء الأُلوف: أربعة وعشرين.
واتفق أن اجتمع بباب النصر في سنة ست عشرة رُسُلُ عدَّةٍ من ملوك الأرض وهم: أزبك ملك الشمال، وملك الكرج، وطغاى قريب أزبك، وبوسعيد ملك التتار، وجوبان، ورسُلُ الفرنج من برْشَنُونة، ومن إصطنبول ورسُلُ مَلِكِ النوبة، وعاد إلى الصعيد سنة سبع عشرة فيها إلى الكرك وراك مملكة طرابلس.
وفيها ضُرِبت السكة باسمه ودُعِىَ له على منابر بلاد ابن قرمان؛ وأحدث في سنة ثمانى عشرة الركوب إلى الميدان في أيام السبوت، وحج سنة عشرين فأَرسل أولًا من مَهَّد عقبة أيلة ووسَّع مضيقها وسهّل صعْبَها، وحجّ معه صاحب حماة وابنُ جماعة وكريمُ الدين أبوكم،