أقرانه، ودخل الديار الشامية بعد الخمسين فسمع بها وظهرت فضائله وكثر الآخذين عنه، ثم دخل القاهرة، ثم جال في البلاد الشمالية والمشرقية ودخل الهند، وعاد منها على طريق اليمن قاصداً مكة ودخل زبيد، فتلقاه الملك الأشرف إسماعيل بالقبول، وكان ذلك بعد وفاة جمال الدين الريمي قاضي الأقضية باليمن كله فقرره الأشرف مكانه وبالغ في إكرامه مرارا فاستقدت قدمة بزبير واستمر في ذلك الى ان مات وقدم في هذه المرة مكة وأقام بها وبالطائف، ثم رجع وصنف القاموس المحيط في اللغة لا مزيد عليه في حسن الاختصار وميز فيه زياداته على الصحاح بحيث لو أفردت لكانت قدر الصحاح وأكثر في عدد الكلمات وقرئ عليه؛ وكان أولاً ابتدأ بكتاب كبير في اللغة سماه اللامع والمعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب، وكان يقول لو كمل لكان مائة مجلد، وذكر عنه الشيخ برهان الدين الحلبي أنه تتبع أوهام المجمل لابن فارس في ألف موضع وكان مع ذلك يعظم ابن فارس ويثني عليه، وقد اكثر المجاورة بالحرمين، وحصل دنيا طائلة وكتبا نفيسة لكنه كان كثير التبذير، وكان لا يسافر إلا وصحبته عدة أحمال من الكتب، ويخرج أكثرها في كل منزلة ينظر فيها ويعيدها إذا رحل، وكان إذا أملق باعها، وكان الأشرف كثير الإكرام له حتى أنه صنف له كتابا وأهداه له على أطباق فملأها له دراهم، وصنف للناصر كتابا سماه تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول، والإصعاد على رتبة الاجتهاد في أربعة أسفار، وشرع في شرح مطول على البخاري ملأه بغرائب المنقولات، وذكر لي أنه بلغ عشرين سفراً