للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنشدني من نظمه، وسمعْتُ عليه جزءًا سمعه من أحمد بن محمد الأَيكى صاحب الفخر، ثم اجتمعت به بالقاهرة. وهو القائل:

ولمَّا رأتْ شَيْبَ رأْسِي بكَتْ … وقالَتْ عَسَى غير هذا عَسَى

فقلتُ: البياضُ لباسُ المُلوكِ … وإن السَّوَادَ لباسُ الأَسَى

فقالت: صدَقْتَ ولكنَّه … قليلُ النِّفَاق بسوُقِ النِّسَا

وله قصيدة في العقيدة أوّلها:

إثْبِتْ صِفَاتِ العُلَا وانْفِ الشّبِيهَ فَقَدْ … أخطأ الَّذين على ما قدْ بَدَا جمدوا (١)

وضلَّ قوْمٌ على التأْويل قد عَكَفُوا … فعُطِّوا وطَرِيقُ الحقِّ مقْتَصدُ

قال القاضي تقي الدين الشُّهْبي: "كان يكاتِب السلطان فيما يريده فيرجع الجوابُ بما يختار، وانضبطت الأوقاف في أيّامه، وجعل (٢) للفقهاء مالًا كانوا لا يَصِلُون إليه قبْله، وانتزع شيخة الشيوخ من ابن أبي الطيب كاتب السر، وقال أيضًا: "وقعَتْ له أُمورٌ تَغيّر خاطر برقوق عليه منها - وكان طلب منه اقتراض مالٍ للأيتام فامتنع - فعُزل في جمادى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين بعدما باشر سنتين وشهرًا، وعُقِدَت له بعد عزْله مجالس ولفَّقُوا عليه قضايا، فلم نسمع عليه - مع كثرة مَن تعصّب عليه - أنّه ارتشي في حكمٍ ولا أخذ من قضاة البرّ شيئًا، ثم إنه بعد ذلك ولى خطابةَ القدس مدة، ثم ولَّاه الناصر خطابة دمشق والمشيخة، ثم أضاف إليه القضاة في صفر سنة اثنتي عشرة، ثم صرفه [المؤيد] شيخ بعد ثلاثة أشهر"، قال (٣): "وكان خطيبا بليغًا له اليد الطولى النظم والنثر والقيام التّام في الحقّ، وكتب بخطّه كثيرًا وجمع أشياء". مات في رابع المحرّم.

٩ - أحمد الخالدي أحد القراء بصفد، وكانت عنده عبادةٌ وخيرٌ وله شهرة؛ مات يصفد في ذي القعدة.


(١) في ك "عمدوا".
(٢) في هـ، ك "وحصل" ولعلها أدق.
(٣) المقصود بذلك ابن قاضي شهبة.