للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وولى كتابةَ السرّ ونظر الجيش بدمشق، واشتغل بالقضاء بدمشق ثم بالقاهرة، وجُمِع له القضاءُ والحسبة في دوْلة المؤيدّ كما تقدّم، وقد أُصيب مرارًا وامتُحِن. ودَخل القاهرة مع المؤيّد فقيرًا جدًّا بحيث أنه احتاج إلى نزْرٍ يسيرٍ للنَّفقة فاقترضه من بعض أصْحابه، ولمَّا مات خلَّف من المال جملةً مستكثرة، وكان لا يتصوّن ولا يتعفَّف سامحه الله. مات في رمضان بعلَّة الصرع القولنجى وبها مات أبوه؛ ومِن نظْمه ما أنشدني لنفْسه وكنتُ اقترحْت عليه أن يعملَ على نمط قَوْلى:

نَسِيمُكُم يُنْعِشُنِي والدُّجَى … طَالَ، فَمَنْ لي بِمَجِئ الصَّبَاح

ويا صِبَاحَ الوجْهِ فارَقْتُكُمْ … فَشِبْتُ همًّا إِذْ فَقَدْتُ الصِّبَاحُ

فعمل ذلك في سنة سبع وتسعين وأنشدنيه عنه جماعة، ثمّ لقيتُه فأنشدني لنفسه:

يَا مُتْهِمى بالصَّبْرِ كُنْ مُنْجِدى … وَلَا تُطِلْ رفْضِي فإنّي عَليلْ

أنْتَ خَلِيلِي فبِحَقِّ الهَوَى … كُن لشْجُونِي راحمًا يا خَليلْ (١)

٢٣ - عمر (٢) بن الشيخ خلف الطوخي، سقط من سطح جامع الحاكم فمات، وكان خيِّرًا حسن السَّمْت.


(١) وردت في هامش هـ إضافة بخط البقاعي هي "على بن علي الحسينى الشريف الجرجانى صاحب التصانيف المشهورة في العقليات والأدبيات ومحقق زمانه، كذا رأيت اسمه ونسبه بخطه مع تلميذه الشيخ محمد الكريمي فدله، أخذ عنه شرح المفتاح والمواقف وغيرهما وحاشية على الكشاف والتجريد والشمسية وغير ذلك في غاية الشهرة. وكان يبارى الشيخ سعد الدين التفتازاني وكان فصيحًا علامة محققا، يقصد تسهيل العبارة ليفهم علمه، . بلغني أنه مات في سنة ست عشرة هذه ولم يخلف بعده من يقاربه، وسيأتي على حاشية ترجمة العلامة الرومى سنة إحدى وأربعين يذكر فيه، ثم أخبرني الأوحد المفتن جمال الدين محمد بن الناصر محمد بن السابق الحموى الحنفى أن العلامة شهاب الدين بن عربشاه الحنفى فارق السيد هذا في بلاد العجم سنة تسع عشرة ثم بلغه عن قرب أنه مات في تلك السنة، وكان شيخًا كبيرًا جدًّا فالظاهر أن مولده في حدود سنة أربعين وسبعمائة".
(٢) الواقع أن إيراد هذه الترجمة في هذه السنة سهو من ابن حجر ذلك أن عمر بن الشيخ خلف الطوخي هذا مات في مستهل ربيع الأول سنة ٨٥٦، أي بعد وفاة ابن حجر نفسه بأربع سنوات، وقد تنبه لهذا السخاوى فأشار في الضوء اللامع ٦/ ٢٨٢ إلى ذلك في قوله "وفى سنة ست عشرة من إنباء شيخنا: عمر بن خلف الطوخى سقط من سطح جامع الحاكم فمات وهو وهم فالذي سقط هو أخوه محمد"، وعلق الصيرفى بخطه أمام هذه الترجمة في هامش ز بقوله " .... والذي سقط إنما هو محمد لا عمر، وأما عمر فتأخر حتى مات بعد وفاة المصنف، وكأن شيخنا ظن أنه هو، وقد رأيته في طبقة سماع البخاري على ابن أبي المجد محب الدين محمد فهو هذا". ونضيف إلى هذا أنا ابن حجر كان متين الصداقة بعمر "وكان كل منهما يجل الآخر"، هذا ولم أجد لأخيه "محمد ترجمة في الضوء اللامع رغم إشارة السخاوى إلى أنه سيوردها.