للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه عُزِل شهاب الدين بن سفري (١) عن قضاء العسكر، وقُرّر فيه تقى الدين أَبو بكر بن عمر بن محمد الحبتى الحموى الحنفى، وكان قدم صحبةَ ابن مغلى المذكور.

* * *

وفى صفر كثر ضرب الدراهم المؤيّدية، ثم استدعىَ المؤيدُ القضاةَ والأُمراءَ وتشاوروا في ذلك، وأَراد المؤيد إِبطال الذهب الناصري وإِعادته إِلى الهرجة، فقال له البلقيني: "في هذا إتلاف شيءٍ كثيرٍ من المال"، فلم يعجبه ذلك وصمّم على إِفساد النَّاصرية (٢) وأَمر بسَبْك ما هو حاصلٌ عنده وضَرْبِه هرجة، فذكر لنا بعد مدّة أَنه نقص عليه سبعة آلاف دينار، وأَمر القضاةَ وغيرهم أَن يدبِّروا رأْيهم في تسعير الفضَّة المضروبة، فاتفقوا على أَن يكون كلُّ درهم صغيرٍ بتسعةِ دراهم، وكلُّ درهمٍ كبير بثمانية عشر، على أَن يكون وزنُ الصغير سبعة قراريط فضة خالصة، ووزْنُ الكبير أَربعةَ عشر قيراطًا، واستمر ذلك وكثُرَتْ بأَيدى الناس وانتفعوا بها، ونودى على البندقية (٣) كل وزنِ درهمٍ بخمسة عشر.

* * *

وفى صفر وَقع الشروع في حفْر الرمل الكائن بيْن جامعي الخطيري ببولاق والناصريّ المعروف بالجديد بمصر، وكانت الرمال قد كثرت هناك جدا بحيث كان ذلك أَعظمَ الأَسباب في تخريب منشأَة المهرانى ومنشأَة الكتان وموردة الجبس وزريبة قوصون وحكر ابن الأَثير وفم الخور، وكانت هذه الأَماكن في غاية العمران فلما انحسر عنها النيل ودام انحساره خربت، فاتفق أَن السلطان ركب إِلى هذه النواحي وكان عهده بها عامرة، فسأَل عن سبب خرابها فأُخْبِر به فأَراد حَفْر ما بيْن الجامِعَيْن ليعود الماءُ إليها شتاءً وصيفًا. وشُرع حينئذ في الأَمر بعمارتها فابتدأَ ذلك في عاشر صفر، فنزل كزل العجمي - وهو يومئذ أَمير جندار - فعلَّق مائة وخمسين رأْسًا من البقر لتجرف الرمال، ثم تلاه سودون القاضي، فاستمرّ العمل بقيةً من صفر وربيع الأَول، فلما كان في اليوم


(١) أورد السخاوي في الضوء اللامع ج ١ ص ٣٠١ واحدا باسم "أحمد بن سفرى الإمام شهاب الدين"، وذكر أنه سمع على ابن حجر ولم يشر إلى أحداث حياته ووظائفه ومطالعاته ولا سنة وفاته.
(٢) أي إفساد الدنانير الناصرية.
(٣) أي الدنانير البندقية.