وفي ثاني عشر المحرم نقلت الشمس إلى برج الحمل فدخل فصل الربيع، وابتدأ الطاعون بالقاهرة فبلغ في نصف صفر كل يوم مائة نفس، ثم زاد في آخره مائتين، وكثر ذلك حتى كان يموت في الدار الواحدة أكثر من فيها، وكثر الوباء بالصعيد والوجه البحري حتى قيل إن أكثر هو هلكوا، وفي طرابلس حتى قيل إنه مات بها في عشرة أيام عشرة آلاف نفس، وبلغ عدد الأموات بالقاهرة في ربيع الأول ثلاثمائة في اليوم، ثم في نصفه بلغوا خمسمائة، وفي التحقيق بلغوا الألف لأن الذين يضبطون إنما هم من يرد الديوان وأما من لا يرده فكثير جداً، وماتت ابنتاي غالية وفاطمة، وبعض العيال، وكان كل من طعن مات عن قرب إلا النادر، وإن أهل فاس أحصوا من مات منهم في شهر واحد فكان ستة وثلاثين ألفا، حتى كادت البلدان تخلو من أهلها وتصدى الأستادار لمواريث الأموات، ثم ابتدأ الموت في النقص من نصف ربيع الأول إلى أن انتهى في أول ربيع الآخر إلى مائة وعشرين، ثم بلغ في تاسعه إلى ثلاثة وعشرين، وتزايد الموت بدمشق وكان ابتداؤه عندهم في ربيع الأول فبلغت عدة من يموت في ربيع الآخر في اليوم ستين نفساً، ثم بلغ مائتين في أواخره ثم كثر في جمادى الآخرة بها، وكذلك وقع في القدس وصفد وغيرها، ثم ارتفع في آخر ربيع الآخر فنزل في الثالث والعشرين منه إلى أحد عشر نفسا.