يعقوب من جهته، فاستمر معزولاً وساءت حال عماد الدين بعد ذلك وهرب كما سيأتي، ولو سلك طريق أبيه لكان أولى به فإن أباه ناب في الحسبة أربعين سنة متوالية ولم يطلب الاستقلال قط فمضى على سداد إلى أن مات، وانتهت زيادة النيل في هذه السنة في سادس عشر توت إلى عشر أصابع من عشرين ذراعاً.
وفي السادس من شعبان أمسك نصراني زنى بامرأة مسلمة فاعترفا بالزناء فحكم شرف الدين عيسى الأقفهسي برجمهما، فرجما خارج باب الشعرية ظاهر القاهرة عند قنطرة الحاجب، وأحرق النصراني ودفنت المرأة، وعاب الناس على القاضي صنيعه هذا من عدة أوجه منها استبداده بذلك وإسراعه بالحكم ودعوى المرأة الإكراه ولم يقبل ذلك منها إلا ببينة فأحضرت واحداً ولم يؤخرها حتى تسمع الشهادة لكون النصراني أسلم لما تحقق الرجم وغير ذلك، ثم جاني المذكور وتنصل مما نقم عليه، فالله أعلم.
وفي سادس شعبان رفع إلى الأستادار أن نصرانياً في خدمته يقال له ابن الحضري وقع منه ما يقتضي إراقة دمه فأحضر القاضي المالكي وكان من جيرانه وحضر معه خلق كثير، فادعى عليه فأنكر، فتشطرت البينة فحكم القاضي بتعزيره، فعند ما جرد ليضرب أسلم فترك واستمر، يباشر وهو غير محب الدين الآتي ذكره، وقرئ البخاري بالمدرسة المؤيدية، وحضر من كان يحضر في القلعة.
وفي هذا الشهر منع النصارى من تكبير العمائم، ولبس الفراجي والجبب بالأكمام الواسعة كهيئة قضاة الإسلام، وركوب الحمر الفره واستخدام المسلمين.