للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى أَول شعبان وجد السلطان في مجلسه ورقةً فيها شعر وهو (١):

يا أَيُّهَا الملِكُ المؤَيَّدُ دَعْوةً … مِنْ مُخلِصٍ في حُبّه لَكَ يَنْصَحُ

أُنْظُرْ لِحَالِ الشَّافِعِيَّةِ نظْرةً … فالقَاضِيَانِ كلَاهُمَا لا يَصْلُحُ

هَذَا أَقاربُه: عَقَاربُ، وابْنُه … وأخٌ وصِهْرٌ فِعْلُهُم مُسْتَقْبَح

غَطُّوا مَحاسِنَهُ بِسُوءِ (٢) صنيعهم … ومَتَى دَعَاهُمْ للهُدَى لا يُفْلِحُ

وأَخُو "هَرَاةَ" بِسِيرَةِ اللَّنْكِ اقْتَدَى … ولَهُ سِهَامٌ في الجَوَارِح تَجْرَحُ

لا دَرْسُه يُقْرَى، وَلا أَحْكَامُهُ … تُدْرَى، ولا حِينَ الخطَابَةِ يُفْصِح

فافْرجْ هُمُومَ المُسْلِمِينَ بِثَالِثٍ … فَعَسَى فَسَادٌ مِنْهُمو يُسْتَصْلَحُ

فعرضها السلطان على الجلساء من الفقهاء الذين يحضرون عنده فلم يعرفوا كاتبها، وطارت الأبياتُ، فأمّا الهروى فلم ينزعج من ذلك، وأما البلقيني فقام وقعد وأَطال البحث والتنقيب عن ناظمها، فتقسمت الظنون واتُهِمَ شعبان الآثارى - وكان مقيما بالقاهرة - وتقى الدين بن حجة، وشخصٌ ينظم الشعر من جهة بهاء الدين المناوى أَحد نواب الشافعي وغيرُهم (٣)، وكانت هذه الأَبيات ابتداءَ سقوط الهروى من عين السلطان، وكانت قد أعجبت السلطانَ حتى صار يحفظ أَكثرها ويكرر قوله "أَقاربه عقارب".


(١) جاءت العبارة التالية أمام هذا الشعر في ث: "قال العينى في تاريخه: وبعضهم نسبها إلى الشيخ شهاب الدين بن حجر، والظاهر أنه هو. انتهى".
(٢) في هـ "يقبح".
(٣) أمامها في هامش هـ بخط البقاعي: "وشيخنا المصنف بل حقق أكثر العارفين أنها له بقياس .. " ثم أربع كلمات غير مقروءة.