للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلاقعَ، ولم يزل كذلك حتى فقد عسكره العليق، فرجعَ إلى حلب ولم يتمكن من أَخذ قلعة كركر.

* * *

وفى أَول جمادى الآخرة شرع السلطان في بناء المارستان بجنب القلعة، فأَمر بتنظيف التراب والحجارة التي بقيت من هدم المدرسة الأَشرفية وتمادى العمل في ذلك مدة.

وفى شعبان (١) بعد كسر الخليج غرق ولدٌ لبعض البياعين فأَراد دفنه، فمنعه أَعوان الوالي حتى يستأْذنه، فمضى فاستأْذنه فأَمر بحبسه ثم قيل له وهو في الحبس: "إنك لا تُطْلَق حتى تعطى الوالى خمسة دنانير" فالتزم بها وخرج فباع موجوده وما عند امرأَته أُمِّ الغريق، فبلغ أَربعة دنانير واقترض دينارا آخر وأَخذ ولده فدفنه وترك المرأَة وهرب من القاهرة، فبلغ ذلك السلطان فساءَه جدا وطلب ابن الطبلاوى الوالى المذكور فضُرب بحضرته بالمقارع في الخامس من شوال ولم يعزله، واستمر في الولاية إلى أَن كان ما سنذكره في السنة الآتية.

* * *

وفيها حاصر محمد بن قزمان طرسوس وانتزعها من نوّاب المؤيد، وكان المؤيد انتزعها من التركمان، وكانوا استولوا عليها بعد فتنة اللنك، فبلغ ذلك المؤيدَ فجهز عسكرا ضخما وأَرسل معهم ولده إبراهيم فخرجوا في أَول السنة المقبلة.

* * *

وفي هذه السنة انتهت زيادة النيل إلى عشرة أَصابع من تسعة عشر ذراعا وذلك أَنه كان يوم النيروز، وكان يومئذ سادس عشرى رجب قد انتهى إلى إصبع من تسعة عشر، ثم نقص نصف ذراع ثم تراجع إلى أَن كانت هذه غايته، وارتفع سعر الغلال بسبب ذلك، ولما أَسرع هبوط النيل بادر كثيرٌ من الناس إلى الزرع قبل أَوانه، فصادف الحر الشديد ففسد أَكثره بأَكل الدود، فارتفعت أَسعار القمح والفول والبرسيم بسبب


(١) في هامش هـ "عجيبة في الظلم والرشوة".