للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُتل الناصر وولى المؤيّد ولى كشفَ الوجه البحرى، ثم ولى الأُستادارية في جمادى الأُولى سنة ست عشرة فجادَتْ أَحواله وصلحت سيرته وأَظهر أَن الذي صار به أَوّلًا كان من عيب الناصر، لكنه أَسرف في أَخْذ الأَموال من أَهْل القرى.

وولى كشف الصعيد فعاد ومعه من الخيول والإِبل والبقر والغنم والأَموال مايدهش من كثرته؛ ثم توجّه إلى الوجه البحرى ففرض على كل بلدٍ وقريةٍ مالًا سماه "ضيافة" فجمع ذلك مالًا جزيلًا في مدة يسيرة، ثم توجّه إِلى ملاقاة المؤيّد لمَّا رجع من وقعة نوروز، فبلغه أَنَّ المؤيّد سمع بسوءِ سيرته وعزَم على القبض عليه فهرب إِلى بغداد وأَقام عند قرا يوسف قليلًا، ثم لم تطب له البلاد فعاد ورمى نفسه على خواصّ المؤيد فآمنه وأَعاده إِلى كشف الوجه البحرى، ثم أَعاده إِلى الأُستادارية في سنة تسع عشرة، فحمل في تلك السنة مائة أَلف دينار، فَسُلِّم له الأستادار قبْلَه بدر الدين بن محب الدين وأَمَر بعقوبته فكف عنه فأُخذ من يده، وتوجّه لحرب أَهل البحيرة ومعه عدة أُمراءَ في شوال سنة تسع عشرة فكان الكل من تحت أَمره، وصل إلى حدّ برقة ورجع بنهب كثير جدا؛ ثم لما مات تقى الدين بن أَبي شاكر أُضيفت إِليه الوزارة في صفر سنة إِحدى وعشرين فباشرها بعُنْف، وقطع رواتب الناس وبالغ في تحصيل الأَموال، وتحرّز فكان يوفرِّ في كل قليل مالًا يحمله للمؤيد فيجمل في عينه ويشكره في غيبته (١)، مع لين جانبه للناس وتودّده لهم؛ وكان في كل قليل يصادر الكتاب والعمال.

ثم توجّه إلى الوجه البحرى وأَخذ الضيافة على العادة، ولاقى السلطان لما رجع من الشام بأَموال عظيمة، ثم توجّه إِلى الصعيد وأَوقع بأَهل الأَشمونين ورجع بأَموال كثيرة جدا، ثم استعفى من الوزارة في شوال سنة عشرين فاستقرّ فيها أَرغون شاه، ثم مرض فعاده السلطان في مرضه فقدّم له خمسة آلاف دينار فأَضاف إليه نظر الأَشراف،


(١) ن "عفته".