فتوجهوا، وكان نائب الشام تاني بك ميق العلائي ضعيفاً فتأخر بدمشق، وبلغ تغري بردى الخبر فاضطربت أحواله وأراد الفرار، فقام عليه أهل القلعة وأهل البلد وقاتلوه، فهرب على وجهه بغير قتال فوصل إلى العمق فاجتمع بكزل هذا وهو الصهيوني المؤيدي تحت حارم، وكان قد أرسله قبل ذلك ليجمع له التركمان فرجع وقد جمع عوناً، فأشار بأن اطرق أهل حلب بغتة، فلما هجموها بادر أهل البلد فصدوهم عن ذلك ورموهم بالحجارة وناوشوهم القتال واجتمعوا عليهم وقد نزلوا ليلاً فوقع عليهم مطر عظيم بحيث تفرق جمعه فخاف على نفسه فولى راجعاً إلى جهة الشمال واتفق له ذلك كله والأمراء الذين تجهزوا من الشام لقتاله قد وصلوا إلى المعرة فجدوا السير إلى أن دخلوا حلب، ولبس تاني بك خلعة النيابة ونزل بدار العدل، ثم انتخب عسكراً وتوجه في أثر تغري بردى إلى جهة كركر، وانقضت هذه السنة على ذلك.
ومن الحوادث في غيبة العسكر توجه قانباي الحمزاوي إلى الصعيد لإصلاح أمورها، ورجع إلى القاهرة في مستهل جمادى الآخرة.
وفيها اجتمع أهل الشيخونية فالتمسوا من نائب الغيبة أن لا ينفصل عنهم شمس الدين القرمشي من التحدث في أوقافهم، وكان إينال راس نوبة قد أقامه فأحسن التدبير وقرر الأمور، فلما ورد الخبر باستقرار إينال في نيابة حلب تعصب قوم للشيخ شرف الدين التباني شيخ المكان، وكان القرمشي قد ضيق عليه ومنعه من التصرف، فأغرى به أهل الشيخونية وتعصبوا للقرمشي فأعاده الحمزاوي، فأوقدت له الشموع وحضر وقت المغرب ووعدهم بالجميل، وغضب الشيخ شرف الدين من ذلك فصرف عنهم القرمشي، واستقر تقي الدين بن حجة موقع الدست في مكانه، فلما استقر قصروه راس نوبة أعاد القرمشي، فقام أهل الشيخونية وكتبوا على الشرف التباني محضراً بأنه لا يحسن المباشرة وغير ذلك.
وفي يوم الاثنين الرابع من شعبان نودي على النيل بثلاثين إصبعاً، فتراجع النيل