برسباي نظام الملك وسودون بن عبد الرحمن دويداراً كبيراً، وكان جاني بك قد أغلظ على المباشرين بدواوين السلطان ففرحوا بالقبض عليه، وكان ابن نصر الله استعفى من الأستادارية فأعفي، واستقر أرغون شاه وبسط يده بالظلم فكفه برسباي، واتفقوا على أن ينفقوا نفقة البيعة لكل شخص خمسين ديناراً، ثم تأخرت ذلك.
وفيها انقرض ملك بني مرين من فاس بقتل صاحبها أبي سعيد عثمان بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني، قتله مدبر مملكته عبد العزيز اللبابي وقتل إخوته وأولاده وأكابر البلد وأبطالها وشيوخها وكانت فتنة كبيرة، وأقام محمد بن أبي سعيد في المملكة واستبد هو بتدبير الأمور، ولم ينتظم من يومئذ لبني مرين أمر - فسبحان من لا يزول ملكه! وفيها لما رجع السلطان من الشام لاقاه الهروي فشكى من حسن ناظر القدس وطلب أن يعاد ما أخذ منه من المال وأن يعاد نظر القدس، فأمر بإعادة المال وهو ثلاثة آلاف دينار، ولم يجبه إلى تولية النظر بل رتب له على الجوالي كل يوم ديناراً.
وفيها همّ تغري بردى ابن قصروه بالعصيان، وأحضر كزل المؤيدي الذي كان هارباً من المؤيد ببلاد الروم، وجمع الأمراء بدار العدل بحلب وأمسك جماعة منهم وجاهر بالعصيان، فبلغ الظاهر ذلك فاستناب تاني بك البجاسي نائب طرابلس فوصل إلى حلب وصبته العساكر، وكان الأمير آق بلاد الدمرداشي الذي استقر أميراً كبيراً بحلب قد فر من تغري بردى لما أحس بقبض الأمراء فاستمر في فراره إلى حماة، ودخل جاني بك حلب وفر تغري بردى منها، وكتب الظاهر إلى عسكر الشام وغيرها بالتوجه إلى حلب للقبض على تغري بردى