للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الثاني والعشرين من ربيع الأول سافر ابن الفنارى وصحبته أحمد بن الشيخ شمس الدين الجزري -وهو صهره- إلى بلاد الروم، وصحبته من جهة السلطان قجقار شغطاى برسالة السلطان إلى ابن عثمان، وسار الفنارى (١) بتجمُّلٍ هائل وكان قد جامل أهل البلد وجاملوه ولم ينتشر عنه دعوى كما انتشرت عن غيره، وكتم ما يبوح به في بلاده من محبّة ابن العربي، وشغل الناس فى "الفصوص" وغيرها، فأَقام هذه المدة بالقاهرة مجموع الخاطر قليل الفضول إلى أن سافر سالما.

* * *

وفيه عُقد مجلس بسبب زيادة الجوامك لمدرّسي المنصورية، وقام في ذلك الشيخ شمس الدين القمنى وحصل بينه وبين المحتسب كلام سيء وتساقطا، فقام السلطان وتركهم ولم يستقر لهم أمر: وكان ذلك بالمدرسة المؤيدية.

وفى (٢) ربيع الآخر أمر السلطان ببناء المنظرة التي خربت في التاج (٣) والسبع وجوه، وأن يُبْني حولها بستان فشرع في ذلك.

وفي رابع عشرى ربيع الأول أَمر السلطان بإبطال مكس الفاكهة مطلقًا، فبطُل ونقش على الجامع المؤيدي.

وفيه كثير الوباءُ بالاسكندرية وما حولها، وكثُر الإرجاف بمسير قرا يوسف إلى الجهة الشامية، واشتد بالسلطان ألم رجله وحَبْسُ الإراقة، ثم عوفى في أول جمادى الأُولى وركب وفرح به الناس.

* * *

وفي هذه المدة أُغْرِى السلطان بولده وأنه يتمنى موته ويعد الأُمراء بمواعيد إذا وقع ذلك،


(١) أمامها في هامش هـ: "الفنرى: بفتح الفاء والنون"، وفى ث: "توجه ابن الفنارى البلاد الرومية"، هذا وقد ضبطه السخاوى فى الضوء اللامع ج ١١ ص ٢١٨ بقوله "بفتحتين ثم راء مكسورة نسبة لصنعة الفنيار فيما قاله الكافياجي"، ويلاحظ أن السلوك دأب على كتابته "الفيرى".
(٢) هذا الخبر والخبر أن التاليان له نقلها الصير فى فى نزهة النفوس، ج ٢ ص ٤٧٣ - ٤٨٤ دون الإشارة إلى مصدره فيها.
(٣) التاج وسبع وجوه من ضواحي القاهرة المعزية وقد سماها أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٦/ ٤١٠، والمقريزي: الخطط ٤/ ٤٨٠ بمنظرة الخمس وجوه، وقيل إن العامة تسميها بالتاج والسبع وجوه، وكانت من أعظم متنزهات القاهرة، ووهي في الأصل ن الأفضل بن أمير الجيوش.