للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به ابن العجمي؟ " فاستفهم السلطان فأخبره، ثم آل أمره إلى أن الوزير شفع في المحتسب عند كاتب السر وأحضرهُ عنده وأصلح بينهما.

* * *

وفي (١) رابع صفر قدم العالم شمس الدين محمد بن حمزة بن محمد الحنفى الرومى المعروف بابن الفنارى قاضى الممالك الرومية، وكان قد حج في العام الماضي وعاد إلى القدس فاستقدمه السلطان ليستفهمه عن أحوال البلاد، فقدم وأُكرم وحَضر يوم الخميس المولد السلطاني بعد أن طُلب مرّةً بعد مرة، فما وصل حتى (٢) دخل البلاد بالليل، فأُجلس تحت شيخ المؤيدية ابن الديري وأَشار لهم المؤيد أن يتكلموا في شئ من العلم فتكلموا فلم ينطق الفناري، ثم توجه بعد صلاة العشاء، ثم أحضر المولدَ الخاص ودارت معه مباحث نفيسة.

وكان ممن حضر: ابنُ العجمى فتكلم بِشيء أنكره عليه كاتبُ السر وواجهه بتكفيره، فأصبح منزعجا يحصّل الكتب التي تشهد له بصحة ما قال، وعادت العداوة كما كانت أو أشد.

* * *

وفي خامس ربيع الأول أبل أبو بكر الأستادار من مرضه قليلًا، وركب واستصحب تقدمةً قيمتها ثلاثون ألف دينار، فخلع السلطان عليه ونزل إلى بيته فانتكس فأقام أربعة أيام ومات، فتكلم السلطان الوزير (٣) أن يفوض إليه الأُستادارية بغير إمرة فأبى إلَّا بتقدمة، فصاح السلطان عليه وقال له: "تقدمةٌ للوزارة وتقدمةٌ للأُستادارية؟ هذا لا يكون! "، ثم أعرض عنه واستدعى شخصا يقال له يشبك الإينالى -وكان قد أرسله قبل ذلك لكشف التراب- فسار بالناس سيرةً سيئةً فشكوا منه فعزل، فاختاره الآن للأُستادارية الكبرى فقرره فيها وخلع عليه، وقرر الوزير في أُستدارية ابنه إبراهيم ثم انتُزعت منه بعد قليل وقَرَّر فيها يوسف الحجاري الذي كان يدبر أمر طوغان، وأعطى ولده صلاح الدين الحاجب إمْرة طلبخاناه.


(١) أمامها في هامش ث: "قدوم العلامة ابن الفنارى لمصر رحمه الله تعالى".
(٢) في هـ: وحتى دخل الليل".
(٣) أمامها في هامش هـ: "الوزير هو حسن بن نصر الله".