للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٨ - محمد بن موسى بن على بن عبد الصّمد بن محمد بن عبد الله، المراكشي الأصل ثم المكي، ثم الحافظ جمال الدين أبو المحاسن بن موسى، وُلد في ثالث رمضان سنة سبع وثمانين وحفظ القرآن، وأجاز له -وهو صغير قبيل التسعين وبعدها- أبو عبد الله ابن عرفة وتقى الدين بن حاتم وناصر الدين بن الميلق وجماعة، وتفقَّه، وحُبِّب إليه الطلب فسمع بمكة على مشايخ مكة كابن صدّيق ومن دونه، وعلى القادمين عليها كعلاء الدين الجزري وعبد الرحمن الدّهقلى وشهاب الدين بن منيب.

وأخذ علم الحديث عن الشيخ جمال الدين بن ظهيرة والحافظ تقىّ الدين الفاسي والحافظ صلاح الدين الأقْفَهْسي، وتخرّج به (١) في المعرفة في طريق الطلب والعالى والنازل، ورحل إلى الديار المصرية فسمع من شيوخها، ثم رحل إلى الشام فأَدرك عائشة بنت عبد الهادي خاتمةَ أصحاب الحجار، وجال في رحلته فسمع بحلب وحماة وحمص وبعلبك والقدس والخليل وغزة والرملة، وسمع بالإسكندرية وغيرها ثم رجع وقد كملت معرفته.

وخرَّج لغير واحدٍ من مشايخه، منهم: الشيخ بدر الدين بن حسين. وعمل تراجم مشايخه فأَفاد بها، وخرّج لنفسه أربعين متباينة الأَسانيد والمتون، وموافقات لكن لم يلتزم فيها بالسماع بل أخرج فيها بالإجازة، ثم دخل اليمن فسمع بها، ومدح الناصر أحمد فأجازه وولَّاه مدرسةً هناك فأَقام بتلك البلاد وصار يحج في كل سنة، وكان ذا مروءةٍ وقناعةٍ وصبْرٍ على الأذى، باذلًا لكتبه وفوائده، وكان موصوفًا بصدق اللهجة وقلَّة الكلام وعَدَم ما كان عند غيره من أقرانه من اللهو وغيره مِن صِباه إلى أن مات.

فلما كان في هذه السنة قدم حاجًّا فعاقهم الرّيح فخشى فوات الحج فركب في البرّ وأجهد نفسه فأدركه فَتَوَعَّك واستمر مريضًا إلى أن مات في ثامن عشري ذي الحجة ودُفن بالمعلى.

١٩ - محمد الشهير بابن بطاله، كان أحد المشايخ الذين يعتقدهم أهل مصر، وله زاوية بقنطرة الموسكى، وكانت كلمته مسموعةً عند أهل الدولة، واشتُهر جدا في ولاية


(١) الضمير هنا عائد على الأقفهسي.