شاع في مُدَّة مرِض المؤيد أنه يريد الركوب على السلطان فلم يقع ذلك، فلما مات المؤيد كان الأُمراءُ مقيمين بالقلعة فلم يتوجه منهم في الجنازة إلا القليل، فبادر الأمير ططر وقبض على قجقار، وكان قجقار أراد ذلك فلم يتهيأْ له، فكان يريد أن يكون هو المتكلم في المملكة فحيل بينه وبين ما أراد.
واستقر ططر بتدبير المملكة ولَف المؤيدية عليه وقَرَّبهُم وأمَّرَهم، ونودى في يوم الخميس بالإنفاق على الجند، فأُنفق لكل واحد ثمانون دينارا وأربعة آلاف فلوسا، وكان فى خزانة المؤيد جملة مستكثرة من الفلوس، ولم يفتح الأَمير ططر الخزانة إلا بحضرة القضاة، فأخذ منها قدر أربعمائة ألف دينارٍ للنفقة ثم أغلقها وختم عليها وسلم الختم والمفتاح للقاضي المالكي؛ ثم قبض على جلبان رأس نوبة إبراهيم بن المؤيد وعلى شاهين الفارسي وهما من كبراء الأُمراء فأُضيفا إلى القردمى، وجَهَز الثلاثة إلى الإسكندرية في يوم الجمعة.
وانسحب مقبل الدويدار في طائفة خوفًا على أنفسهم من الحبْس فتوجهوا قِبَل الشام ونزلوا البحر من جهة دمياط (١) وأَلطِينة واستمروا إلى جهة طرابلس، وكانوا اتفقوا على الركوب على ططر، وكان فيهم أَسندمر النورى أمير طبلخاناه و كان من رءُوس النوب، وكان معه من أُمراء العشرات مبارك شاه وجلبان وكمشبغا الحمزاوى ويَلْخُجا، واجتمعوا بالرميلة، فتأخر عنهم من كان أحضر واتفق معهم فساقوا هاربين فتبعهم جانبك الصوفى ويشبك الأُستادار وتنبك ميق فلم يلحقوهم.
* * *
وفى الثالث عشر من المحرم استمر بدر الدين بن نصر الله في نظر الخاص مضافا إلى الوزارة، وصُرف مرجان الهندى عن التحدّث في الخاص، واستقر صدر الدين بن العجمي في الحسبة وصُرف إبراهيم بن الحسام، وفرح الناس به ورَتَّب الأمير ططر للمحتسب في كل يوم ينارين على الجوالى، وشرط عليه أن يبطل الدّكة ويوفر ما كان المحتسب يأْخذه من البياعين، ثم استقر في الوزارة تاج الدين كاتب المناخات في ثانى عشري المحرم.