وفيه نودى فى الجند أن يحضروا ليُعاد إليهم ما كان قُبض منهم -بسبب التَّجريدة- من المال في أيام المؤيد ومباشرة الهروي القضاءَ، فعَظُم فرحهُم بذلك ودعاؤهم، وشرع في إعطائهم ذلك.
وفي النصف من المحرم خُلع على الأمير ططر خلعة معظَّمَةً واستمر نظامَ المملكة، واستقر تغري بردي بن قصروه أمير آخور، وجاني بك الصوفى أميرَ سلاح، وعلي باى دويدارًا كبيرًا عوضا عن مقبل، ولُقب ططر "نظام الملك"، وخلع على جماعة آخرين من الأُمراء.
وفي الثاني عشر منه استقر إينالُ الأزعرى حاجبَ الحجاب، وخُلِعَ على القضاة باستمرارهم، وعلى كاتب السر وناظر الجيش وناظر الإسطبل بالاستقرار أيضا، ثم استعفى ناظرُ الجيش من وظيفته فرُوجع فصَمَّم وتوجَّه إلى الجيزة فأقام بها، فلما كان في الخامس والعشرين منه قُرر في كتابةِ السر، وقُرِّرَ كاتبُ السر في نظر الجيش وباشرا ذلك جميعا، وليس كمالُ الدين الخلعة بذلك في هذا اليوم، وتأَخر لبس ابن الكويز الخلعة إلى يوم الاثنين تاسع عشرى الشهر أو سلخه، واستقر مرجان الخزندار في نظر الجوالي.
وفي السابع والعشرين من المحرم توجه يشبك الأُستادار إلى الصعيد لدفع المفسدين من العرب واستخلاص الأموال من الفلاحين.
* * *
وفي أواخر الشهر خرج الأُمراء المجرَّدون من حلب، وكان المؤيد أرسلهم في الظاهر لحفظ البلاد من قرا يوسف وفى الباطن لإمساك يشبك، وأحَسَّ يشبك بذلك فأخذ حِذْره منهم ولم يتمكنوا منه، فلما بلغْتهم وفاةُ المؤيد سافروا قادمين القاهرة فلم يُوَدِّعهم نائبها يشبك اليوسفى، فبلغهم أنه بريد الغَدْر فحذروا منه، وتبعهم هو فتتبع آثارهم ظانا أنهم على غفلة عنه فكبسهم، فوقع الحرب بينهم فكبَا به فرسُه فظفروا به فقتلوه ورجعوا إلى حلب، فقرَّروا ألطنبغا الصغير في إمرتها وتوجّهوا إلى جهة دمشق، فلما بلغ ذلك ططر في الأول أخرج إقطاع ألطنبغا الصغير هذا ووقعت الحوطةُ على حواصله، ثم أُخْرجت إقطاعات بقية الأُمراء فاستقر تَنْبَك ميق أتابكًا على إقطاع القُرْمشي، ثم أُخرجت