محمد بن أحمد أبو المعالي الجبتي الحنبلي شمس الدين، ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وسمع من عمر بن حسن ابن أميلة والعماد بن كثير وغيرها، وتفقه بابن قاضي الجبل وابن رجب وغيرهما، وتعانى الآداب فمهر، وكان فاضلاً مستحضراً مشاركاً في الفنون، وقدم إلى القاهرة في رمضان سنة أربع وثمانمائة وقد حدث ببعض مسموعاته وقص على الناس في عدة أماكن وناب في الحكم، وكان يحب جمع المال مع مكارم الأخلاق وحسن الخلق وطلاقة الوجه والخشوع التام ولا سيما عند قراءة الحديث. سمعنا بقراءته صحيح البخاري في عدة سنين بالقلعة وسمعنا من مباحثة وفوائده ونوادره وما جريانه، وكان حسن القراءة يطرب إذا قرأ ويحسن عمل المواعيد، وكان قد صحب العماد بن كثير فكان ينقل عنه الفوائد الجليلة، وناب في الحكم في بعض المجالس وكان لا يتصون. وولي بالقاهرة مشيخة الغرابية بجوار جامع يشبك ثم مشيخة الخروبية بالجيزة وبها مات فجأة فإنه اجتمع في يوم الثلثاء سادس عشري المحرم فهنأني بالقدوم من الحج ورجع إلى الجيزة في آخر نهار الأربعاء فمات ليلة الخميس وقت العشاء ثامن عشري المحرم وقد أكمل السبعين فرأيت في تاريخ ابن حجي في حوادث سنة اثنتين وثمانمائة في ذي القعدة وقع حريق بدمشق فانتهى إلى طبقة بالبراقية وهي بيد الشيخ شمس الدين الحبتي ولم يكن يسكنها، فوجدوا بها جراراً ملأى خمراً فكثرت الشناعة عليه عند تنم النائب، قلت: وكنت في تلك الأيام بدمشق وبلغني أنهم شنعوا عليه وأنه بريء من ذلك، وبعضهم