وكان قوي النفس كثير الحشمة والكرم، وكان أعيان الفقهاء يترددون إليه، وهو الذي عمر الشاميتين بعد حريقهما في فتنة اللنك، ثم ضعف جانبه وقوي عليه الحكام، وصارت إقامته بالمجدل وقف الشامية، وآل أمره إلى فقر شديد؛ ومات في شهر رمضان، وهذا آخر من بقي من آل بيتهم.
داود بن عبد الرحمن بن داود، الشوبكي الأصل المعروف بابن الكويز علم الدين أبو عبد الرحمن. مات في صبيحة يوم الاثنين سلخ رمضان بمنزله ببركة الرطلي بعد أن طال مرضه كما تقدم سببه في الحوادث. وكنت عدته في نصف رمضان فوجدته صحيح العقل والبدن لا يشكو ألماً ولكنه غلب عليه الوهم بحيث أنه في أثناء كلامه كان يجزم بأنه ميت من تلك الضعفة، وكانت أمور المملكة في طول مدة مرضه لا تصدر إلا عن رأيه وتدبيره، وكان يجتمع بالسلطان خلوة ويذكر أنه إذا ركب يتأذى بالركوب كذلك إن دخل الحمام أو الجامع كان أبوه من أهل الشوبك ثم سكن الكرك وهو نصراني يتعانى الديونة واسمه جرجس، فلما كان سنة سبع وستين ضيق يلبغا على جميع النصارى الملكية خصوصاً الشوابكة واتهموا بأنهم مالؤا الإفرنج على الإسكندرية، فأسلم هو وكثير منهم وتسمى عبد الرحمن، وخدم نائب الكرك وتقرب منه حتى قرره في كتابه السر، ثم تحول إلى حلب فخدم كمشبغا الكبير وقدم معه القاهرة صاحب ديوانه، ورأيته شيخاً طوالا كبير اللحية،