ونشأ ابنه علم الدين هذا ترفا صلفا مسعود الحركات، فصاهر ابن أبي الفرج، وكان أخوه خليل أسن منه، ثم اتصلا بشيخ نائب الشام قبل سلطنته فخدماه وهو ينوب في طرابلس ثم في دمشق ثم في حلب، ثم قدما معه القاهرة فعظم شأنهما وكبر قدرهما، وباشر علم الدين نظر الجيش بطرابلس ثم بدمشق، وامتحن هو وأخوه في وقعة صرخد وصودرا، ثم لما تسلطن المؤيد تقرر في نظر الجيش، ثم اختص بالظاهر ططر وتقرر عنده كاتب السر في أيامه، وصولح ولده بعد موته على أربعين ألف دينار، وكان يتدين ويلازم الصلاة ويصوم تطوعاً ويتعفف عن الفواحش ويلازم مجالسة أهل الخير مع طول الصمت، فكان يستر عواره بذلك إلا أنه لما ولى كتابة السر افتضح للكنة فيه وعدم فصاحة وضبطت عليه ألفاظ عامية، ومع ذلك فكان وقاره وحسن تدبيره وجودة رأيه تستر عواره، واستقر بعده في كتابة السر قريبه جمال الدين يوسف وكان قد قدمه في عهد المؤيد وقرره في نظر الجيش بطرابلس، فاتفق أن الأشرف لما ولى نائبها في أيام المؤيد تقرب إليه وخدمه فصارت له به معرفة فلما مات علم الدين قرره في وظيفته، فباشرها قليلا بسكون وعدم شره وتلطف بمن يقصده وحلاوة لسان ثم صرف بعد قليل، كما سيأتي ذكره في التي بعدها. ومن فعلاته المستحسنة - أي صاحب الترجمة - أنه لما كان بشقحب صحبة الظاهر راجعاً إلى مصر إستأذنه في زيارة القدس فتوجه من طريق نابلس، فشكا إليه أهل القدس والخليل ما أضر بهم من أمر الجباية وكانت لنائب القدس، وتحصل منها لفلاحي القرى إجحاف شديد ويتحصل للنائب ألوف دنانير، ولمن يتولى إستخراج ذلك ضعفه، فلما رجع إستأذن السلطان في إبطال هذه المظلمة، فأذن له وكتب بها مناشير، فقرئت بالقدس والخليل، وكثر الدعاء له بسبب ذلك،