للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ربيع الأَول مالت (١) المئذنة بالجامع الأَزهر التي عُمِّرت في سلطنة المؤيد سنة تسع عشرة، فأَمر السلطان الأَشرف بهدْمها فهُدمت وأُعيدت من أَصح ما يكون.

وفى ثامن عشرى ربيع الأَول أُزبكْ استقر الأَشقر دويدارًا كبيرًا نقَلْا من رأْس نوبة، واستقر تغري بردى المحموديُّ رأْسَ نوبة نقلًا من الحجوبية، وخلع عليهما بذلك.

وَفيه أَنهىَ الشيخ شمس الدين الهِرْماوى إلى السلطان أَن شرط المؤيد أَن لا يكون المدرس بها قاضيًا وأَعانه قومٌ آخرون، فانتزع تدريس الشافعي بالمؤيدية من كاتبه (٢) فسعى كاتبه إلى أَن ظهر كتاب الوقف وقد سكت عن الشرط المذكور فأُعيد ذلك لكاتبه، وعُوِّض الهرماوى بأَن ينوب عن عليٍّ حفيد العراق في جهاته بثُلث (٣) المعلوم، فباشر ذلك.

وفي صفر ختن السلطان ولده محمدًا وعمل له فرحًا كبيرا فيقال إن الأَعيان نقطَّوا في طسته بالذهب الكثير فأَمر به فجُمع وأَعطى المزيّنَ منه مائةً ورفع الباق للخزانة.

وفي التاسع من شهر ربيع الآخر استقر شمس الدين الهروي في كتابة السر بعد سعْى شديد ووعْدٍ ببذل مال كبير، وانفصل جمال الدين الكركى والناس له شاكرون لحسن سيرته ولين جانبه، وكان يشتكى من رفقته إلى أَن سعى الهروى فعزل.

وأَما الهروى فلبس تشريفًا كله حريرٌ أَبيض وطرحة حرير، وركب حجرةً بسرج ذهب وكنبوش مزركش وهرع الناس للسلام عليه، وكان الهروى لما قدم سلَّم الناس عليه إلا الحنبلي واستمر على ذلك، وكان حضر المولدَ السلطاني قبل ولايته كاتبُ السر فامتنع الحنبلي من الحضور بحضرته وتمادى على عدم السلام عليه، ثم أَصلح السلطان بين الهروى وابن الدَّيري - وكان يُطلِق لسانَه في الهروى - فاصطلحا، فلما ولى الهروى كتابة السر ساءه ذلك وتكلم في الخلوة فبالغ.


(١) في هامش ث: "تجديد مئذنة الأزهر"، ثم بخط آخر: "وهذه المئذنة قد مالت أيضا في أيام الأشرف قايتباي وجددها، وهي الآن بنعمته أحسن ما تكون، وما يدرى ما يكون بعد ذلك مالها. ولعل بنيانها هذا أمكن مما تقدم".
(٢) أي ابن حجر نفسه.
(٣) فوقها في كلمة "كذا".