للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السر بغير مخبرةٍ باصطلاح الوظيفة، وسلك مع المصريين طريقته في حدّة الخلق والبادرة الصعبة، مع الإقبال على اللهو في الباطن فيما يقال، ثم إنه كان أُلزم بعشرة آلاف دينار فَحَمل منها خمسةً فطولب بالخمسةِ الأخرى ولُوزم بالمطالبة، فضجَّ من ذلك وكتب ورقةً للسلطان يذكر فيها أَنه منذ ولى السلطنة غَرم كذا وكذا أَلف دينار، وفَصَّلها، من جملتها للمباشرين: لفلان كذا وفلان كذا ولمن لا يُسمى كذا ورمز إلى جَانِبكْ الدويدار - فبلغ ذلك من نَسب إليهم الأخْذ منه فحنقوا منه وأَمالوا عليه جَانِبِكْ وهو شابٌّ حادُّ الخُلق قوى النفس كثيرُ الإدلال على مخدومه، فشكا من كاتب السر للسلطان والتمس منه أَن يمكنه منه فأَذن له، فأَخرجه على الصّورة المذكورة، ثم قام ناظر الجيش عليه حتى هَدَّأَ خلقه ورجَّعه عما كان أَمر به من المبالغة في إهانته ورأى أَن المقصود قد حصل بزيادة، ورجح الجميل عليه بتخليصه من الشدة المذكورة، والتزم عنه بمال يحمله إذا وصل دمشق ففعل ذلك، ودخل دمشق ولزم بيته بطالًا وجَفاه أَكثر الناس إلى أَن كان في السنة المقبلة منه ما يأتي ذكره.

ومن الاتفاق العجيب أَنه طلب بطريك اليعاقبه فراجعه في شيء خاطبه به فأَغضبه فأَمر بضْربه، فضُرب على رجليه نحو أَربعمائة عصى، فاغتاظ القبط لذلك وبالغوا في التأليب على ابن حجى إلى أَن اتفق له ما ذكر.

واستقرّ في كتابة السر بعده، بدر الدين محمدُ بنُ بدر الدين محمد بن مُزْهر الدمشق، وكان قدم مع المؤيد أحدَ الموقعين واستقرّ في نظر الإسطبل وتقدّم وصار أَحدَ الرؤساء في دولة المؤيد، ولكن لا يرفع رأْسه مع وجود البارزي، فلما مات استقر نائبَ كاتب السر وكبير الموقعين وصار يُصَرِّف أَكثر الأمور في مباشرة كمال الدين ولد البارزي، ثم لما استقر علمُ الدين بنُ الكُوَيْز في كتابةِ السر كان هو القائم بأَكثر الأمور وسمّاه السلطانُ "خليفة كاتب السر" وراج عليه وعرف أَخلاقه وتمكن منه إلى أَن تقرر في كتابة السر بعد كائنة ابن حجّى في الثامن عشر من جمادى الآخرة فباشرها أَربع سنين متوالية.

وفى ثانى عشر رجب قرئ تقليده بالمدرسة الأَشرفية فوَقع من علاء الدين بن الرّومي