للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند صاحبها ووصله ورجع ببضاعةٍ كثيرة فقدم القاهرة في سنة سبعٍ [وعشرين] وأقام بها مدّةً إلى أن سافر على طريق الشام ثمّ على طريق البصرة إلى أن وصل شيراز، وقد انتهت إليه رئاسة علم القراءات في الممالك.

وكان قديما صنَّف "الحصن الحصين (١) " في الأَدعية، ولهج به أهل اليمن واستكثروا منه، وسمعوه علىَّ قبل أن يدخل هو إليهم ثم دخل إليهم فأَسمعهم، وحدّث بالقاهرة بمسند أحمد ومسند الشافعي وبغير ذلك،، وسمع بدمشق وبمصر من ابن أميلة وابن الشيرجي ومحمود بن خليفة وعماد الدين بن كثير وابن أبي عمرو وإبراهيم بن أحداد بن فلاح والكمال بن حبيب وعبد الرحمن بن أحمد البغدادي وغيرهم، وبالإسكندرية من عبد الله ابن الدَّماميني، وببعلبك من أحمد بن عبد الكريم، وطلب بنفسه وكتب الطباق وعنى بالنظم وكانت عنايته بالقراءات أكثر، فجمع "ذيل (٢) طبقات القراء" للذهبي وأجاد فيه، ونظم قصيدة في قراءة الثلاثة، وجمع "النشر (٣) فى القراءات العشر"، جوّده، وذكر أن ابن الخباز أجاز له واتُّهم في ذلك.

وقرأتُ بخط القاضى علاء الدين بن خطيب الناصرية أنه سمع الحافظ أبا إسحق إبراهيم سبط ابن العجمى: سمعت من أصحابه الذين سمعوه منه يقول: لما دَخلتُ دمشق قال لي الحافظ صدر الدين الياسوفى: لا تسمع من ابن الجزرى شيئًا": قلت. وقد سمعت بعض العلماء يتهمه بالمجازفة في القول وكذا (٤) الحديث فما أظن إلَّا أنه كان إذا رأى للعصريّين شيئًا أغار عليه ونسبه لنفسه، وهذا أمرٌ قد أكثر المتأخِّرون منه ولم ينفرد به.

وكانت وفاته في أوائل سنة ثلاث (٥) وثلاثين، وكان يلقب في بلاده "الإمام الأعظم"


(١) اسمه في الضوء اللامع ٩/ ٦٠٨ "الحصن الحدين من كلام سيد المرسلين في الأذكار والدعوات"، كما أشار إلى بقية أسماء مؤلفاته.
(٢) في هـ "وذيل طبقات القراء".
(٣) في الضوء اللامع طيبة النشر في القراءات العشر. في ألف بيت".
(٤) في هـ "وأما الحديث فما أظن ذلك به إلا أنه كان … " ألخ
(٥) ومع هذا فهو مذكور هنا فى سنة ٨٣٤، ويلاحظ أنه جاء في هامش هـ "بخط البقاعي: "قوله سنة ثلاث صحيح فذكره في سنة أربع سهو، والله أعلم".