يختص بما يتعاطى الجدّ لحفيديه وأنَّ وكيلَ بيت المال وكيلُ السلطان، فإذا اشترى السلطان من وكيله فكأَنه اشترى من نفسه، وفاته ما صرَّح به جماعةٌ من العلماء بأنَّ وكيل بيت المال وكيلٌ عن أئمة المسلمين لا عن خصوص السلطان، وإنّما وظيفتُه ولايةٌ لا نيابة؛ وقد صرّح بذلك السُّبكي وغيره. ثمّ ظَفرْتُ بأن ذلك صَنَعَهُ السّلطانُ صلاحُ الدين في وقْف الصّلاحية ببيت المقدس ونَقَله السّبكي في فتاويه، وقال الأَذرعي في "شرح المنهاج": "اغتر بعض الناس بتسميته وكيلا فقال إنه يَنْعزِلُ بموت السلطان وهو غلط"، ثم أحضر حكمه جلال الدين البُلْقِيني في مثل ذلك وكذلك مِنْ قَبْلِه أبو البقاء وعز الدين بن جماعة، فأصرّ على دعوى البطلان، وأصرّ الحنفى على الامتناع من التنفيذ اعتمادًا على قول المذكور مع تحقُّقٍ في الفهْم وغزارة ما عنده من العلم، ثمّ حملته العصبيَّةُ على أن اجتمع بالسلطان وعرَّفه أَن البيع باطلٌ، وأنَّ الشافعية راعوا القاضي الشافعي فوافقوه فيما عمل، فأَمرهم بالاجتماع عنده، فحضروا يوم الاثنين ثامن الشَّهر المذكور، فبدأَ الشافعي فسأَل الحنفى:"لِمَا امتنعت من تنفيذ هذا الحكم؟ "، فقال:"لأَنَّ الشافعية قالوا إنه باطلٌ فوقفته على فتاوى الشافعية" فأسند الأمر للقِمْنى، فوقَّفْتُه على فتوى القِمْني الثانية، فقال:"هذا لا يعتمد عليه لأَنه تناقض"، فسُئِل العلم في المجلس عن مستنده في دعوى البطلان، فقال:"نَصَّ الشافعيُّ في عيون المسائل أَن الوالى فى رعيّته بمنزلة الوصِيّ في مال اليتيم"، فسُئِل:"ما وجْهُ الدلالة هذا النص بصورة المسألة"، فخلط في جوابه وانفعل، فأُخْرِج له نَصُّ الشافعي في مختصر المازني بأَن المراد في ذلك مما يتعلق برعاية المصلحة للجهتين، فكابَرَ فَردّ عليه من حضر وقالوا:"إذا كان الكلام مطلقا، وذُكر له في موضع آخر قيد أوجب الحمل عليه وعمل بالخاص"، ثم استَظهر الشافعىّ بأنَّ للسلطان أَن يقف ما يراه من أراضى بيت المال على من رآه، وأن الوصىَّ ليس له ذلك في مال اليتيم، فدلّ على أنَّ النص ليس له عمومته، فاستمر على العناد فبان للجماعة حصْره وتعصبه.
وأما الحنفى فبَيّن له أن لا حجة للقمنى والعلم قاصر على التعصب وقال:"لا يجب التنفيذ"؛ وكان يخشى أن ينفذ في الحال فيقال إنه غلب فجنح إلى هذا العذر، وانفصل المجلس على هذا، وسئل علماءُ الحنفية عن ذلك فقالوا: بل يجب على الحاكم إذا اتَّصل به