للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحبّ (١) الحديث بعناية صديق أبيه شمس الدين بن الرّفَّا فسمع وهو مترعرعٌ منه الكثير، ثم طاف على الشيوخ في سنة تسع وتسعين وسبعمائة وهلمّ جرا إلى أن مات: ما فتر ولا وَنَى ولكنه لم يُنْجِب، ولم ينتقل عن الحدّ الذي ابتدأ فيه في الفهم والمعرفة والحفظ والقراءة درجةً، بل كان شديد الحرص على الاشتغال في الحديث والفقه والعربية والقراءات، وأعْلَا مَن عنده السماع ناصر الدين محمد بن على الحرَّاوى صاحب الدمياطي، وسمع من أصحاب ابن الصّواف وابن القيّم ثم من أصحاب ست الوزراء وابن الشِّحنة والوانى والدَّبُّوسي والخَتَنِي، ثم من أصحاب أصحاب النجيب، ثم من أصحاب أصحاب الفخر ثم من بعدهم حتى أقْرَانه ومن سمع بعده، وخرَّج لنفسه شيئًا لم يكمله، وشرع في اختصار "تهذيب الكمال" فكتب منه شيئًا وتركه، ونسخ بخطه من تصانيف شيوخنا ثم من تصانيف أقرانه كالقاضى ولىّ الدين وكاتبه (٢) وغيرهما شيئًا كثيرًا. وخطّه ردئ، وفهمُه بطئ، ولحنه فاش، لكنه كان دينًا خيرًا كثير العبادة على وجهه وضاءة الحديث، وكان في أكثر من عمره متقلّلًا من الدنيا حتى كان يحتاج أن يتكسب بالشهادة، ثم قُرّر في قراءة الحديث بالقلْعة بأخرة بعد الشيخ سراج الدين قارئ الهداية؛ ومات في يوم الاثنين رابع عشر (٣) جمادى الآخرة.

٥ - حسين بن علاء الدولة بن أحمد بن أُويْس آخر ملوك العراق من ذرية أويس، وكان اللنك أسره وأخاه حسنًا وحملهما إلى سمرقند ثم أُطْلِقا فساحا في الأرض فقيرَيْن مجرَّديْن، فأما حسن فاتصل بالناصر فرج وصار في خدمته ومات عنده قديما؛ وأما حسين فتنقَّل في البلاد إلى أن دخل العراق فوجد شاه محمد بن شاه ولد بن أحمد بن أُوَيْس، وكان أبوه صاحبَ البصرة فمات، فملك ولدُه شاه محمد فصادفه حسين وقد حضره الموت فعهد إليه بالمملكة، فاستولى على البصرة وواسط وغيرهما، ثم حاربه أصبهان شاه


(١) أشار المنيل الصافي ج ١ ص ٣٦٨ (ط. القاهرة) إلى أنه قرأ صحيح البخاري نحو خمسين مرة.
(٢) يعني ابن حجر بذلك نفسه.
(٣) جاء في هامش هم بخط البقاعي: "رأيت فيما علقته أنه مات رابع عشرى جمادي المذكور".