للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشُّون فتوسعوا به واتخذوا أرحيةً ليطحن لهم غلمانُهم فيقتاتوا بذلك، ودام الأمر على ذلك خمسة وثلاثين يوما إلى أن ملُّوا ولم يظفروا بشيء فتراسلوا في الصّلح، فاستقرّ الأمرُ على أن يَخطب للسلطان ببلاده وأن لا يتعرّض لأحد من جهة السلطان ولا من معاملات بلاده، ولا يمكَّن أحدًا من جهته بقطع الطريق على التجار ولا على القوافل، وأن يسلم أكثرها، فأجاب إلى ذلك وانتظم الأمر؛ وتوجه القاضى شرف الدين سبط ابن العجمى كبيرُ موقعى الدست لتحليفه.

وتوجه السلطانُ بالعساكر إلى الرّها فدخلها في تاسع ذي القعدة وقرر بها نائبًا إينال (١) الأجرود الذي كان نائبًا بغزة وجعل عنده مائتي مملوك ليحفظها، وأعطاه تقدمة قَانِبَاى البهلوان بحلب، وأعطى قَانِباى تقدمة تغرى بردى المحمودي بدمشق، وقدم إلى حلب فتلقَّينَاه بالباب وبزاعة في الأحد رابع عشرى ذى القعدة ودخل حلب ليلة الاثنين بغير موكب وأقام بالمخيم أيضا، واستهل به شهر ذى الحجة ثم خرج منها يوم السبت السابع، منه فدخل دمشق يوم الخميس التاسع عشر منه ونزل بقلعتها، ونزل الجند ينهبون الناس وحصل الضرر بهم ولكن لم يفحش، ثم رحل منها يوم السبت الثاني والعشرين منه (٢).

* * *

وفي مستهل ذي الحجة أرسل قَرقُماس بن نُعَير ولدَه إلى السلطان بهديةٍ سنيةٍ ومن جملتها فرسٌ كان اشتراه بألف دينار، ورَدّ على السلطان فرسًا سرقه منه تركمانيان فظفر به معهما فجهزهما مع الفرس، فأعجب السلطان ذلك وخلع على ولده وأمر بشنق التركمانيين.

وذكر الشيخ شهاب الدين أبو بكر بن محمد بن شاذى الحصنى (٣) أن يعقوب ابن قَرَايَلك أمير خَرْتَ بِرْت على معتقد النَّسيمي المقتول بحلب، وأنه يرى تحريم مقاتلة


(١) فى هـ بخط الناسخ "والذي هو الآن فى عصرنا سلطانا".
(٢) في الهامش هـ بخط الناسخ "سقط من هنا فرخة من الأصل".
(٣) كان التقى الحصنى هذا من مواليد سنة ٨١٥ بمدينة حصن كيفا ومن ثم نسب إليها وكان أبوه من أثريائها وكبار تجارها، وقد اهتم التقى أبو بكر بالقرآن والحديث والفقه فدرسها على أئمة الشيوخ في عصره، ولما لقيه البساطي فى حلب سنة ٨٣٦ أعجبه منه ذكاؤه ودقة فهمه حتى قال عنه: "لم يجئنا مما وراء النهر مثل هذا الشاب"، أنظر الضوء اللامع ج ١١ ص ٧٦ - ٧٧.