وأجاز له جماعة تفرد بالرواية عنهم لكني لا أعلم أنه حدث عنهم بشيء غير جزء أو جزءين ثم ظهر أنه لم يمت إذ ذاك، فذكر لي ابن فهد أنه توجه إليه هو وغيره من الرحالة كالبقاعي وابن الإمام في هذه السنة فمات بعد وصولهم إليه بقليل، وكان قدومه القاهرة سنة بضع عشرة فاستوطنها وولي نيابة الحكم، ثم ولي قضاء دمنهور الوحش والبحيرة فاستقرت قدمه بها بعد منازعات، وأقام على ذلك بغير منازعة أكثر من عشر سنين، وكان فاضلاً يستحضر أشياء في الفقه ويذاكر بأشياء حسنة، وله نظم حسن ومدحي قديماً وحديثاً، واستهل شهر رمضان الخميس ووافق برمهات.
وفيها وصلت هدية نائب الشام وفيها مائة وخمسون فرساً وعشرة قطرة جمال وألف ثوب بعلبكي ومثلها بطان وخمسون قباء سمور ووشق وعشرة آلاف دينار ونعالاً خيل من ذهب ومسامير فضة، قيل إن في كل نعل خمسين ديناراً، وقيل إن مجموع قيمتها ثلاثين ألف دينار، وكان قدومهم سابع عشر ذي الحجة.
وفي سادس شهر رمضان هبت ريح شديدة باردة وتراب كثير عم القاهرة وسقط عدة من الدور، وفي الثالث عشر منه أمطرت ليلاً، وتمادى ذلك في أول النهار مع رعد وبرق. وذلك عند حلول الشمس برج الثور، ثم تمادى المطر ذلك اليوم كله لكن بغير توالي حتى توحلت الأرض كلها ووكفت البيوت، ثم أمطرت صبيحة ذلك اليوم بعد الفجر مطراً غزيراً جداً حتى وكفت البيوت وفسدت الأمتعة والزروع - والأمر لله وحده!