للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان محافظًا على عمارة الطرق حتى أَمنت القوافل في أيّامه في بلاده، وذكر أنه حضر محاكمةً مع منازع له فى بستان إلى القاضى فحكم عليه فقبل الحكم وأنصف الغريم.

وكان إذا مرّ فى الأسواق يسلّم، ولا يلبس الحرير ولا يجلس عليه ولا يتختَّم بالذَّهب.

وكانت صدقاتُه إلى الحرمين وإلى جماعةٍ من الصلحاء بالقاهرة وغيرها مستمرة، وما سافر قط - كثرة أسفاره - إلَّا قَدَّم بين يديه صدقات للزوايا وكذلك إذا عاد، وكتب إليه ابن عرفة مرة: "والله لا أعلم يومًا يمرّ علىّ ولا ليلة إلَّا وأنا داع لكم بخيري الدنيا والآخرة، فإنكم عماد الدين ونصرة المسلمين (١). ومات (٢) فى ذى الحجة عن ستٍ وسبعين سنة بعد أن خُطب له بفاس وتلمسان وما والاهما من المدن والقرى إحدى وأربعين سنة وأزيد، وقام من بعده حفيده المنتصر أبو عبد الله محمد بن الأمير أبى عبد الله محمد ابن أبى فارس.

١٣ - على بن حسين بن عُروة المشرقى ثم الدمشقى الحنبلى أبو الحسن بن زَكنُون، وُلد قبل السّتين وكان فى ابتداء أمره جمَّالا (٣)، وسمع على يحيى بن يوسف (٤) الرحبى ويوسف الصيرفى ومحمد بن محمد بن داود وغيرهم، وكان يذكر أنه سمع من ابن المحبّ ثم أقبل على العبادة والاشتغال فبرع، وأقبل على "مسند أحمد" فرتَّبه على الأبواب، ونقل فى كل بابٍ ما يتعلق بشرحه من كتاب "المغنى" وغيره، وفرغ فى مجلدات كثيرة.

وكان منقطعًا فى مسجد لله يعرف بمسجد القدم (٥) خارج دمشق، وكان يقرئ الأطفال ثم انقطع، وكان يصلِّى الجمعة بالجامع الأموى ويُقرأ عليه بعد الصلاة فى الشرح ..


(١) "المسكين" في الضوء اللامع ٤/ ٥٤٧ ص ٢١٥.
(٢) بقية الترجمة من هنا غير واردة فى هـ.
(٣) بالجيم في شذرات الذهب ٧/ ٢٢٢، وبالحاء فى الضوء اللامع ٥/ ٧٢١.
(٤) اشتغل بالتجارة ثم اهتم بسماع الحديث واتصل بابن كثير وكتب عنه فوائد حديثية وكان موته سنة ٧٩٤، انظر الدرر الكامنة ٥/ ٥٠٠٥ وإنباء الغمر ١/ ٤٤٩.
(٥) أشار إليه النعيمى فى الدارس فى تاريخ المدارس ٢/ ٣٦٢ فقال عنه إنه قرب عاليه وعويله، وهو قديم وجدد سنة ٥١٧، وقد دفن به كثير من الصلحاء والزهاد،