للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هذه السنة، فبادر إلى الإجابة وأظهر الفرح بذلك ونزل في الحال فتجهَّز وتوجّه صحبة الركب الأول فقدِّرت وفاته بمغارة نبط ذاهبًا على ما بلغنا، ولم أعرف له سماعًا فى الحديث ولا حدّث. وكان مبغِضًا للناس بغير سبب غالبًا، على الله عنه.

١١ - عبد (١) العزيز عز الدين بن القاضى بدر الدين محمد بن عبد العزيز بن الأمانة، مات في سابع عشرى جمادى الأُولى وكان شابًا صالحًا عفيفًا فاضلًا، اشتغل كثيرا ودرّس وعمل المواعيد بالجامع الأزهر.

١٢ - عبد العزيز (٢) السلطان أبو فارس بن أبي العبّاس أحمد صاحب تونس، مات وهو قاصدٌ إلى تلمسان وقد مضى كثيرٌ من أخباره فى الحوادث؛ قرأتُ بخط صاحبنا أبي عبد الله محمد بن عبد الحق السّبتى -فيما كتب من سيرته- أنه بلغه أنه كان لا ينام من الليل إلّا قليلا حتى حرّز مقدار ما ينامه بالليل أربع ساعات لا تزيد قط بل ربما نقصت، وليس له شغل إلَّا النظر في مصالح ملكه، وكان يؤذّن بنفسه ويؤم بالناس في الجماعة ويُكثر من الذكر ويقرّب أهل الخير، وقد أبطل كثيرا من المفاسد والتركات بتونس منها "العيالة" وهو مكان يباع فيه الخمر للفرنج ويُتحصّل منه فى السنة شئٌ كثير، وكان لأكثر الجيش عليه رواتب فأبطله وعوّضهم وأخرج للجيش بدله، قال: وشُكِى إليه قلة القمح بالسوق فدعا تجاره فعرض عليهم قمحًا من عنده وقال: "أُريد أبيع هذا يسعر دينار ونصف"، فاسترخصوه فأمر ببيعه بذلك السعر وأن لا يشترى أحدٌ من غيره بفوق ذلك، فاحتاجوا أن يبيعوه بذلك القدر فترك هو البيع، فبلغه أنهم زادوا قليلًا فأمر بأن يُباع ما عنده بسعر دينار واحد، وتقدم إلى خازنه أنه إن وجد القمح بالسوق لا يبيع من عنده شيئًا، وإلَّا باع بسعر دينار، فاضطروا إلى أن مشى الحال فكانت تلك من أحسن الحيل فى تمشية حال الناس.

ولم يكن ببلاده كلها شئ من المكوس، ولكنه كان يبالغ في أخذ الزكاة والعُشر


(١) هذه الترجمة غير واردة فى هـ.
(٢) سعيد ابن حجر ترجمة أبى العباس هذا فيما بعد ص ٥٥٩، ترجمة رقم ١٩.