للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاضلًا متواضعًا، فذكر لى أنه تزوج بنت السيد الشريف الجُرجانى صاحبِ التصّانيف، وأَنَّ الشَّريف المذكور ذكر له أنه اشتغل بالقاهرة وأخذ عن أكمل الدين وغيره، وأقام بالخانقاه السعيدية أربع سنين، ثم خرج إلى بلاد الروّم، ثم لحق ببلاد العجم ورأس هناك، وكان قدومه (١) من جهة الحجاز فحجَّ ووصل مع الحاج، ثم عُقد الموكب وأُحضر الرسول المذكور ومعه ولدُه وذكر أنه رُزقَه من بنت الشريف الجرجاني وهو كهل (٢) من أبناء الثلاثين وله فضيلة أيضا، ثم في أثناء صفر أحضر (٣) الرسولَ والقضاة المصريَّة ودار بينهم كلامٌ يتعلق بالرسالة المذكورة، وانفصل المجلس على أنَّ السلطان اعتذر عن الإجابة خشيةَ أن يتطرق إلى ذلك غيرُه من الملوك، وقنع الرسول بهذا الجواب، ثم جهَّز معه أقطوة [الأسدى الظاهرى] الذي كان دويدارًا صغيرًا ثم صار مهمندارَ السلطان رسولًا من قبل سلطان مصر بهدية وجواب، وسافروا فى العشرين من صفر من طريق الشام، وأظهر السلطان بعد ذلك حُنقًا على القضاة فى عدم مبالغتهم (٤) فى الرّد على الرّسول فيما احتجّ به على تعيين إجابة سؤالِ مُرسِلِه، وكانوا استفتوا على ذلك أهلَ العلم بالقاهرة فأجابوا، وتواردت أجوبتهم على المنع، ومنهم من أجاب مِن قَبل أن يسألَ بل كتب السؤال والجواب بخطه معا. فمن عجيب ذلك أن بعضهم كتب: "لا يجوز ذلك لما فيه من تعطيل الوقف". وكتب آخر: "لا يجوز لسلطان مصر الإجابة لذلك لما فيه من الافتِيَات على سلطان مصر"، إلى غير ذلك من الاستدلالات الواهية. كل ذلك زعموا لطلب مرضاة السّلطان، فقدَّر الله تعالى أنه لم يعجبه شيء مما كتبوا به أجمعين، ولم أُعَرّج في جوانى إلَّا على ما تقدم من أن ذلك يُفضى إلى تسليط غيره لطلب ذلك فينخرق السياج وتقع الخصومة.


(١) أى قدوم السيد الشريف تاج الدين الشيرازى.
(٢) هكذا فى النسخ.
(٣) كانت هذه هى المرة الثانية فى هذه السنة التى يحضر فيها رسول شاه رخ مجلس العدل، وكانت يوم ٦ صفر.
(٤) يستفاد من رواية النجوم الزاهرة ٦/ ٧٢٢ أنه لم يتكلم أحد من القضاة الأربعة فى هذا المجلس في الرد على سؤال شاه رخ سوى العينى، هذا ويلاحظ أن رواية ابن حجر أصدق من رواية أبى المحاسن لأنه كان أحد من استشير في الرد على جواب شاه رخ وإلى ذلك يشير هو نفسه فيما بعد.