ولما شاع غضبُ السلطان من القضاة تحرّك صالح البُلقينى في العَود إلى القضاة، وذكر شمس الدين بن القاضى زين الدين التفهنى الذى كان أبوه فى وظيفة القضاء بالقاهرة أن يستقر في وظيفة أبيه، فيقال إنه مال إلى ذلك، وسعى أو له سعى له فيه ولم ينبرم لواحد منهما أمر، والأمر بيد الله تعالى يفعل ما يشاء ويختار.
* * *
وفي المحرّم شرع الأمير سودون المحمدي في عمل سقف الكعبة بأمر الملك الأشرف فبدأ فيه فى نصف الشهر سقفًا جديدًا فشرع فيه فى أوائل ربيع الأول منها، وهدم منارة باب السّويقة وعمَّرَها جديدةً فوجد فيها مالا.
* * *
وفى أوائل صفر صُرف بهاء الدين أبو البقاء محمد بن القاضى نجم الدين بن حِجّى عن قضاء الشام وقُرّر بها شهاب الدين بن المحمرة عودًا على قَدْرٍ، والتُمِس منه أن يَدفَع للمسفِر بعد ذلك خمسمائة دينار فامتنع وصمّم، فغضب السُّلطان وأمر بنفيه إلى القدس بطَّالا أو إلى مكة قاضيًا، فأجاب إلى مكة واستَمهَل إلى رجب أو شوال، فسعى حينئذٍ سراج الدين عمر بن موسى بن حسن الحمصى الذى كان نائب الحكم بأسيوط من الصعيد ثم ولى قضاء طرابلس فأُجيب ساعته على مالٍ جزيل، وأرسل إليه خلعته، وصُرف شمس الدين محمد ابن شهاب الدين بن الكشك عن قضاء الحنفيّة بدمشق أيضا، وقرر شمس الدين الصفدي على مالٍ جزيل، وتوجَّهَت خلعةُ الصفدى أيضا.
* * *
وفي وسط صفر قصَّر الوزير المستقر عن قربٍ، وهو أمين الدين إبراهيم بن مجد الدين عبد الغني بن الهيصم (١) الذي كان ناظر الدولة وكان أبوه ناظر الخاص ومن قبل في الديوان المفرد، فقصَّر في تجهيز المرتَّبات السّلطانية، فهجم جماعةٌ من المماليك الجُلْبُ على داره