للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى السادس عشر صُرِف خليل نائب الاسكندرية من الإمرة والنظر، وذكر لنا خليل بن شاهين المذكور أنه فى ولايته أبطل ما كان مقررًا على الباعة لجهة الحسبة، وهو في كل شهر ثلاثون ألفًا تُحمل لديوان النيابة، ونقش ذلك في رخامات جعلت على أبواب البلد، وأنه وجد ابن الصُّغَيّر (١) -الناظر على الثغر- أخذ ما بالمجانيق التي بقاعة السلاح من الرصاص فعمر به حماما له، فطالع بذلك السلطان فأمر بانتزاعه منه فانتزع، وعمر المجانيق كما كانت، وجدّد بها واحدًا كبيرًا ووضعه على برج يقال له "الضرغام"، ووصف [خليل] لنا ما بالقاعة من العدد فكان شيئا كثيرا وأمرًا مهولا حتى قيل إنه في بعض الكائنات احتيج إلى أخذ درق منها فأخرجت منها خمسة آلاف فلم يؤثر في كثرتها.

* * *

وفى العشرين منه استقر "سرور المغربي" ناظرًا وقاضيًا بالثغر، ولبس الخلعة بذلك، وبلغني أنه عوتب فقال: "ان الجمع بينهما جائز، لأن الذي ينظر عليه ليس مكسا بل هو زكاة أموال من المسلمين، وما يؤخذ من الكفار فليس بمكس"، ثم بعد يوم أهين وضرب على ما بلغني، وقرر اقباى اليشبكي الدويدار فى إمرة الاسكندرية، ثم قرر خليل المذكور في نظر دار الضرب بالقاهرة عوضًا عن ابن قاسم، وكان قد استناب فيها أخاه، فصُرِف.

* * *

وفى يوم الثلاثاء يوم سابع عشرى جمادى الآخرة منها، أو فى شهر رجب، وصل "أقطوه" الدويدار الذى كان رسولًا (٢) إلى شاه رخ بن تمرلنك، وصبحته رُسل منه، فاجتمع بالسلطان في يومه، ثم وصل الرسلُ يوم الأربعاء وأنزلوا بالقاهرة، ثم أخذ منهم الكتاب فقرئ وفيه إنكار لما يصنع بمكة من أخذ المكوس، والتحذير من أمر اسكندر بن قرا يوسف، والإذن له فى دخول هذه البلاد، وأن يخطب له بمصر وتضرب السكة باسمه، والتغليظ فى ذلك والتهديد، وصحبة الرسول خلعة بنيابة مصر وتاج، ثم راسله القاصد بأن كلامًا مشافهة، فأحضر في يوم السبت فأدّاه، فأمر بضربه وضرب رفيقه، فضربا ضربا مبرحا وغُمسا فى ماء البركة في شدة البرد بكل ثيابهما حتى كادا أن يهلكا غما، ثم أمر بإخراجهما فأعيدا إلى المكان الذى أنزلا فيه، ثم أمر بنفيهما إلى مكة فى البحر فحجا وتوجها إلى العراق.

* * *


(١) الضبط من البقاعي على هامش نسخة هـ حيث قال: "هو بضم الصاد المهملة وفتح العين وتشديد التحتانية ثم مهملة".
(٢) انظر النجوم الزاهرة ١٥ ص ٧٣.