الملك العزيز جمال الدين يوسف -، وأشهد السلطان على نفسه بذلك برضا أهل المملكة وإمضاء الخليفة، واشهد على نفسه أنه جعل الأمير الكبير - جقمق نظام مملكة ولده يوسف - وكتب له بذلك ورقة مفردة، وشهد فيها على السلطان بالتفويض وعلى الخليفة بالإمضاء، وانفق على المماليك السلطانية فجعل - لكل شخص ثلاثون ديناراً وأنفض المجلس، وخلع على نور الدين الإمام السويفي بوظيفة الحسبة عوضاً عن دولات خجا، وهرع الناس للسلام عليه.
وفي الرابع من ذي القعدة تناقص البرد وتزايد الحر وخف الموت من ضواحي القاهرة إلا من الجهة البحرية والشرقية فتزايد فيهما كما كان في الغربية والقبلية فيقال جاوزوا الألف في كل يوم ومعظمهم أطفال ورقيق من جميع الأجناس.
وفي النصف من ذي القعدة بدأ الطاعون في النقص فصار ينقص في كل يوم نحو الأربعين والخمسين والثلاثين، وتمادى على ذلك إلى أن كان في العشرين منه، فكانت عدة الاموات بمصلى باب النصر مائة بعد أن كانت بلغت الخمسمائة، ثم تناقص إلى ستين في ثاني عشري ذي القعدة وكانت بلغت بمصلى المؤمني نحو الثلاثمائة، ثم تناقص ذلك إلى ثلاثين.
وفي العاشر من ذي القعدة ناول العسكر المصري الابلستين، ثم توجهوا إلى مدينة اقشر فنازلوها وأميرها سالم بن الحسن وكان يقطع الطريق على التجار، فهدموا بعض قلاعها وكان هذا المكان - معداً لقطاع الطري، وتوجه العسكر المصري منها في أواخر الشهر بعد أن - قرروا بها نائباً.
وفي السادس والعشرين من ذي القعدة هبت ريح شديدة، وأثارت تراباً كثيراً بحيث ملأت البيوت والشوارع، ودامت من الليل إلى آخر النهار.