للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه أمِر بكَسْر أواني الخمر، فأخبرني المحتسب دُولَات خَجَا أنَّهُ كَسرَ في يوم واحد ثلاثة وستين ألف جرّة، وأنَّه سئل بمالٍ جزيل للإعفاء من ذلك فلم يستطع مخالفة الأمر لشدّة فحص السلطان على ذلك.

وفي أواخره توجّه العسكرُ من حَلَب إلى جهة الروم.

* * *

وفي يوم السبت الرابع والعشرين منه غضب السلطان على رئيسَيْ الطب شمس الدين أبي البركات بن عفيف بن وهبة بن يوحنا بن وفا الملكي الأسلمي، وزين الدين خضر الإسرائيلي لاتهامه إياهما أنهما غلطا عليه فيما وصفاه له من الأدوية، فأمر بتوسيطهما فوسِّطا بالحوش (١).

وذُكر أن ابن العفيف استسلم (٢) وتشهد، وأن الآخر مانَع عن نفسه وسأل أن يفدي نفسه بخمسة آلاف دينار فلم يُجَبْ وقُتلا.

وفي صبيحة يوم الأحد سُلّما لأهلهما فدفنوهما، وعُدّ ذلك من الأعاجيب.

وفيه غضب على عمر وَالى الشرطة، وصودر عَلَى مال، ثم أعيد.

واشتد على السلطان الضعف لعدم تناول الغذاء، وساءت أخلاقه، وصار يأمر بأشياء فيها ضرر لبعضِ مَن يلوذ به، فيظهر المأمورُ الامتثال ولا يفعل.

واتفق أن ناظر الجيش القاضي زين الدين عبد الباسط انقطع يومًا بسبب طلوع في ذراعه ثم عوفي وركب، ففرح به الناس.

واستمرّ كاتب السر صلاح الدين ضعيفًا منقطعا من يوم الجمعة، ولم يظهر فيه الطاعون (٣) إلا أن مرضه شديد الحدة، فلما كان يوم الثلاثاء الرابع من ذي القعدة طلب السلطانُ الخليفةَ والقضاةَ والأمراءَ والأجناد، وعهد بالسلطنة لولده، وكَتَب عهده، ولُقّب


(١) الوارد في أبي المحاسن النجوم الزاهرة ١٥/ ١٠١. أنهما وسطا عند "الحدرة" عند باب الساقية من قلعة الجبل.
(٢) هكذا أيضًا في أبي المحاسن: المرجع السابق ص ١٠١، ١٠٢ ولكن لم يتبعها بكلمة "وتشهد" ومن ثم فهي صحيحة لغويا وإن كانت بعيدة عنه باقترانها مع كلمة "التشهد" عما كان موقفه إذ ذاك، ومما يؤكد صحة رواية أبي المحاسن أنه لا معنى لكلمة "تشهد" هنا من أن خضرا الإسرائيلي لم يستسلم بسهولة بل مانع وأخذ يدافع عن نفسه بكل ما تصل إليه قدرته.
(٣) أي لم يظهر الطاعون في كاتب السر ولكن ابا المحاسن في المرجع السابق ص ١٠٢ يقول إنه أصيب بالطاعون.