للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الملك العزيز جمال الدين" (١)، وأشهد السلطانَ على نفسه بذلك برضاء أهل المملكة وأمضاه الخليفة، ثم أشهد على نفسه أنه جَعَل الأمير الكبير جقمق نظامَ مملكة ولده، وكتب له بذلك ورقةً مفردة، وشهد فيها على السلطان بالتفويض، وعلى الخليفة بالإمضاء.

وأنْفِق على المماليك السلطانية، فجُعل لكل شخص ثلاثون دينارًا، وانفضّ المجلس.

وخلع (٢) على نور الدين الإمام السويفي بوظيفة الحسبة عوضًا عن دُولَات خجا، فهرع الناس للسّلام عليه.

* * *

وفي الرابع من ذي القعدة تناقص البرد وتزايد الحرّ، وخفّ الموت عن ضواحي القاهرة إلّا من الجهة البحريّة والشرقية فتزايد فيهما، كما كان في الغربية والقبلية، فيقال جاوز الألف من كل يوم، ومعظمهم أطفال ورقيق من جميع الأجناس.

وفي النصف من ذي القعدة بدأ الطاعون في النقص، وصار ينقص في كل يوم نحو الأربعين والخمسين والثلاثين، وتمادى على ذلك إلى أن كان في العشرين منه، فكانت عدة الأموات بمصلى باب النصر مائةً بعد أن كانت بلغت الخمسمائة، ثم تناقص إلى ستين في ثاني عشرى ذي القعدة، وكانت بلغت بمصلى المؤمنى نحو الثلاثمائة، ثم تناقص ذلك إلى ثلاثين.

* * *

وفي العاشر من ذي القعدة نازل العسكر المصري الأبلستين، ثم توجّهوا إلى مدينة أقْشَهْر فنازلوها وأميرها سالم بن حسن، وكان يقطع الطريق على التجار، فهدموا بعض قلاعها، وكان مُعَدًّا لقطّاع الطريق.

وتوجّه العسكر المصري منها (٣) في أواخر الشهر وقرروا بها نائبا.

وفي السادس والعشرين من ذي القعدة هبّت ريح شديدة وأثارت ترابًا كثيرًا بحيث ملأت البيوت والشوارع، ودامت من الليل إلى آخر النهار.

* * *


(١) جاء في هامش هـ بخط الناسخ: "الملك العزيز أبو المحاسن يوسف بن الملك الأشرف".
(٢) ذلك لأن دولات خجا كان قد مات بالطاعون هو الآخر.
(٣) أي من أقشهر.