للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشبهه، واجتمع بي بسبب ذلك، فوجدته حسنَ السّمت إلّا أنّه عَريٌّ عن العلم، وكان فيما ذكر لي هو أنه رأى أن في قوله تعالى ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ﴾ (١) أن الضمير في قوله "أخوهم" للمرسلين، قلت: بل "لعاد"، قال: "لا يليق بالنبيّ أن يوصف بأنه أخو الكفرة" قلت: قد قال في الآية الأخرى ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ﴾ (٢) فسكت. وله نظائر لذلك

إلّا أنه كان كثير الذكر والعبادة، يتكسّب في التجارة في الغزل، ولجماعةٍ من النّاس فيه اعتقادٌ كبير.

مات في ليلة الجمعة الخامس من ذي الحجة، وكانت جنازته حافلة، وهو أخو شمس الدين رئيس الأذان بجامع ابن طولون الذي يقال له: المستحل (٣).

* * *

٩ - بَرْسْبَاي، السلطان الملك الأشرف، مات في عصر يوم السبت بعد أن قام أكثر من عشرين يومًا ملقًى على قفاه لا حَرَاك به، إلّا في بعض الأحيان يحرّك يدَهُ كالغائب وينطق بما لا يُفْهم، وصار يجرع السويق ونحوه بالمسعط فلا ينزل إلى جوفه من ذلك إلّا اليسير. وكان قبل ذلك قد أفرط به الإسهال حتى انحطّت قواه، ثم عرض له الصرع فأقام في أوّل أمره زمانًا طويلًا بحيث أُرْجِفَ بموته، ثم أفاق منه مختبلًا ثم عاوده بعد سبعة أيام فازداد انحطاطه، واستمرّ يعاوده حتى يئِسَ منه كل مَن حوله من النساء والرجال والولدان والأطباء، وفي كل نوبة من الصرع يرجف بموته ويتهيأ الناس لذلك ثم يتحرّك.

وكان في غضون ذلك - في أوائل ذي الحجة - خرج على لسانه مع بعض الحاشية يأمرهم أن يحلفوا لوليّ العهد ولده يوسف الملك العزيز، فكان أوّل من حلف ممَّن حضر تَمُرْ باي الدويدار، ثم إينال المشدّ ثم على باي الخزندار، ثم تواردوا على الأيمان لوليّ العهد ولنظام الملك، فعرضوهم طبقة بعد طبقة إلى أن تعالى النهار جدًّا، ثم انصرفوا وأصبحوا على ذلك، فأرسل كل قاض نائبًا من عنده حَضَر التحليف و [كان] المباشر للتحليف القاضي شرف الدين سبط ابن العجمي نائب كاتب السّر، فاستوعبوا في يومين آخرين من بقى.


(١) قرآن كريم. الشعراء ٢٦/ ١٢٣.
(٢) قرآن كريم، الأحقاف ٤٦/ ٢١.
(٣) راجع هذا اللقب في ترجمته الواردة في الضوء اللامع ٨/ ١٦٨ وقد تكرر بهذا الرسم مرتين فيما بعد.